د . عبد الهادي حميتو

وافى ربيعُ النور يامشغوف	هذا النبي وعيدُه الموصوف
هذا ربيع الخير مجتمَع النَّدى	يزهو به حضرٌ ويَسعد ريف
شهرٌ أناف على الزمان بفضله	وجلاله فالبشر فيه صُنوف
ضاءت بذكراه الدُّنى وتعطَّرت	لَمّا أهلَّ هلالُه المكنوف
واللهُ شرَّفه بمولد أحمدٍ	فله على كل الشهور شُفوف
أوليس شهرَ حبيبه وصَفيِّه	مِن حقِّه التنويهُ والتشريف
فيه على الدنيا تبَلَّج نورُه	وتتابع الإحسانُ والمعروف
هذا ربيع النور هلَّ هلالُه	فالبُشرياتُ على الديار تطوف
وعلى المدائن فرحةٌ وبشاشةٌ	وعلى المَدارج بهجةٌ وطُيوف
هبَّت لموعده السعيد حفيَّةً	فالكونُ شدوٌ والنفوس خُفوف
ترجو من الذكرى تنال شفاعة	إن الحبيب على المحبِّ عَطوف
اليومَ مولدُ خير من وطئ الثرى	ومَقامُه في العالمين شريف
أنا إن شغفتُ به فلستُ بطامعٍ	في وصفه ، أنّى ليَ التوصيف
وخلالُه كالبحر ليس يعُدُّها	عدٌّ وليس يحُدُّها تكييف
هل بعدَ قول الله جلَّ ثناؤه	في وصفه:”بالمومنين رءوف”
وحبائه الخلقَ العظيمَ كرامةً	والمعجزاتِ وعَدُّهُنَّ أُلوف
أتُرى بيانُ المفصحينَ يُطيقُه	مهما سما التنضيد والتصنيف؟
وبدائعُ الفرقان تَنشُرُ ذكرَه	ما شابها شُبَهٌ ولا تحريف
أمضى من البيض العتاق سلاحُها	في الفصل، وهي مقاطعٌ وحروف
قد أعجزت ببيانها أهلَ الحجا	فاستعجَمَ التدبيجُ والتصريف
وتواترت في العالمين صوادعا	رغمتْ لها من جاحديه أُنوف
يا من به ازدان الوجود تحية	يسري إليك عبيرُها المزفوف
هذي عروس الشعر في جَلَواتها	يهفو إليكَ ركابُها المحفوف
فاقبَلْ رسولَ الله بعضَ تكلُّفي	ما لا يفي بقليله التكليف
ماذا أُسَطِّر من حُلاك وإنها	يعيا البيان وما لها تعريف
والعدلُ أنتَ مناره والفضلُ أنْ	تَ نِجارُهُ والبذلُ والتأليف
والمجدُ في الدارين مجدُكَ فوقَه	والدينُ دينُكَ ما أهلَّ حنيف
شدتَ الحضارةَ بالفضيلة والتقى	في ظلها التهذيب والتثقيف
روحُ السماحةِ كانَ أُسَّ بنائها	وعمادُها الإيثارُ والمعروف
والناسُ في شرع المروءة إخوةٌ	والفكرُ حرٌّ والضميرُ عفيف
خُفِض الجناحُ لكل راجٍ فاستوى	في حكمه المسكينُ والغِطْريف
حتى استجاب مسلِّمٌ ومناوئٌ	وأجاب ممتنعٌ ولانَ عنيف
يا ربِّ أمةُ خير خلقكَ مالها	أبداً لغيركَ عن عُلاكَ صُدوف
فارفَعْ لها قدراً ولُمَّ صُفوفَها	والْطُفْ بها أبداً فأنتَ لطيف
وبحبِّ أحمدَ هبْ لنا من أمرِنا	رَشَداً فإنَّا في حِماكَ وُقوف
وعنايةً تَهدي السبيلَ وأُلفةً	منها لوحدةِ شعبنا ترصيف
وانصرْ أميرَ المؤمنين محمداً	مَن صان صرحَ الدين فهْو مُنيف
واجعلْ لنا ذكرى النبي ذخيرةً	يزهو بها حضَرٌ ويسعَد ريف
ما لذَّ في الأسماع ذكرُ مديحه	وحلا به التطريب والتشنيف

آسفي: 05 ربيع الأول 1431ه

——————————————-

أشرق الكون

 د. أحمد الخياطي

 

 أشرق الكون منذ لاح السنـــــــــاء                  مولد المصطفى وحق الهنـــــــــــاء

 وتداعت بشائــــــــــر البشر تترى                  يغمر العاشقين منها الضيــــــــــــاء

 أحمد المجتبــــــــــــــى هدية ربي                  رحمة العالمين فهو الشفــــــــــــــاء

 كيف أحصي كماله وهو بحــــــــر                 زاخر الموج شأنه الإعطـــــــــــــاء

 كيف أحصي النجوم تسبح في الكو                 ن، ترى هل يعدها إحصـــــــــــاء؟

 أم تعد الرمال والغيث قــــــــــطرا                  أم حياة: تنفس، وهــــــــــــــواء؟

 عجز المادحون عن كل مــــــــدح                  حيث أثنى الإلــــــــه، نعم الثــــناء

 **   **   **

 جاء والكون فاقد الوعي والنــــــــا                  س حيـــارى تلفهم ظلمــــــــــــــاء

 من مكب على الحجارة يرجـــــــو                  عندها الرزق ضاع منه الدعــــــاء

 وملب لما يصوغ الاهــــــــــــــــا                  أو وسيطا، وأين منه النـــــــــداء؟!

 صنم شأنهم وزجـــر لطيــــــــــــر                  وعقوق تضج منــه السمــــــــــــاء

 وبنات تدس في التــــرب ظلمــــــا                  خشية الفقر أو بها استحيــــــــــــاء

 وئدت ويحها وما اقترفت ذنــــــــ                   با،ولكن جهالة عميـــــــــــــــــاء!

 وتفشت فــــواحش القــوم حتــــــى                  ضجرت من شيوعها الفحشـــــاء!!

 وتوالى تفاخـــر القوم لؤمــــــــــــا                  وشقــاقــا يمجـــه النجبــــــــــــاء!

 وإذا رحمـــــة الإلــــه أصــــــابت                  معشـــرا حـل بينــهم نبهــــــــــــاء

**   **   **

 مولـــد المصطفى ضياء ونــــــور                  ونجــــاة وعصمــة عصمـــــــــــاء

 بعثـــة المصطفــى أمان وهـــــدي                  وســــلام يطيب فيــه البقـــــــــــــاء

 جاءنا بالكتاب نورا ووحيــــــــــــا                   بئس من قــال: ظلمــة دكنـــــاء!

 أشرقت في القلوب منه زوايــــــــا                   فــاهتـدت بالهـدى وزال العنــــــاء

 خسئ المرجفــون فــي كل حيــــن                   وبنـــاء الإلــــه، نعم البنـــــــــــاء

**   **   **

 حفــظ الله عبــده إذ دعـــــــــــــــاه                   محرجـــا طـوحت به الــــــــلأواء

 وجمـــوع الشــرور بالمكر هبـــوا                   وبغـوا وادعوا وبالـزور جــاءوا!

 (أجمعــوا أمرهم عشـــاء فلمـــــــا                   أصبحـوا أصبحت لهم ضوضـاء)

 عصــم الله عبـــده مـــن لئـــــــــام                   بيتــوا الشـر وهـو منــه بــــــــراء

 وتبــاهوا بمــا لهــم من عقـــــــوق                   وصنوف الأذى فبئس الرعــاء؟؟

 إنه منهم وقد عرفــوا الأمـــــــــــــ                   ن لديـــــه جبلـــــة شمــــــــــــــاء

 ولــه المعـجزات يقصر عنهــــــــا                   كل عد، تبــــارك المعطـــــــــــاء

 عبثــا حاولــوا التستــر عنهـــــــــا                   ذل نبح الكـلاب، أين السمـــاء؟!

 سخروا في الأخير من وحي ربــي                   فافتروا ما افتروا وبالعجز بـــاءوا

 ليس شعــرا، ولا كهانـــة قــــــوم                  لا افتـراء، وحاش منـه افتـــراء؟!

 لا أساطيـــر، إنه قــول فصـــــــل                  غرقـت فـــــي بحــاره البلغــــــــاء

 هو وحــي الإلـه والوحي نــــــــور                   يـــدرك السـر ضمنـــه العقـــــلاء

 من أجالــوا خواطــر الفكر فيــــــه                   واقتفـــوا نهجــــه فهم نجبـــــــــاء

 وتجلت لهم بصائـر في النفـــــــــــ                   س وفي الكون إنهم علمـــــــــــــاء

 متعـــة الوحــي لـذة لا تنــاهـــــــى                  ســاء مـا خـرصت بـــه الأغبيـاء!

**   **   **

 ورســول الإلــــه خيــر رســــــول                  خـــاتم الأنبيـــاء نــــور سنــــــــاء

 خصـــــه ربنا خصائــص جُلــــــى                 عجـزت عـن دِراكــها العظمــــــاء

 وحــديث الرســــــول عــذب زلال                  قصرت عن مثيله النبغــــــــــــــاء

 جمع الحلم والسماحــة والخـــلـــــ                   ق كريمــــا، وحـبذا الكرمــــــــاء

 جــــــاء مــن عنصر نقي أميـــــن                   طاهـر الأصل، كلـهـم أصــــــلاء

 وضعتـــه أمينــــة ابنــــــــة وهـب                  مـــع عبد الإلـــــه ســرا يضــــــاء

 شـــــــاءهم ربنا سلاسلَ نــــــــور                   بعـُــد الإثــم عنـــهم والبـــــــــــذاء

 (وإذا سخــر الإلــــه أناســــــــــــا                   لسعـيـــــد فإنـــهم سعـــــــــــــداء)

**   **   **

 وهنيئــــا بشرى حليمـــــــة جاءت                   تستحـث الخطــى بهــــا إعيــــــاء

 ساقها الشـــــوق والحنيـــن إلى من                  هــــو حب يحبــــه الفضــــــــــلاء

 أقبلـت بالســــرور، ضمت حبيبــا                   سـعــدت دارها بـــــــه والفنــــــاء

 أرضعتــــه لبـــانها فسقتـــــــــــــه                   جرعـة الحب طاب منها اللقــــــاء

 أشفقــــت مـن حديث شق لصــــدر                  إذ رأتــــــه: أنفاســـــه صعـــــداء

 فتهــــــاوت به لآمنــــة الفضــــــــ                   ل، لـهــــا عند قصهــا إصغـــــاء

 وتنـــــامى الحبيــب بدرا منيـــــرا                   حببت خلـــــوة لــــــه وحـــــــراء

 وإذا بالمــــلاك يهتف: “اقـــــــرأ”                   أنت نــور الوجـــــود أنت الشفــاء

 خصــــــه ربنـــا مزيــــة قـــــرب                  حفــــه الملك والسنـا والبهــــــــــاء

 وحبــــاه الإلــــه دينا حنيفـــــــــــا                   أسعـد العالميـــــن منـــه اقتفــــــاء

**   **   **

 يا رســـــول الإلــــه عظمت قـدرا                   أزليـــــــا والحمـد منــك لــــــــواء

 خسـر الخاســـرون من ظن جهــلا                   أنـــــه ب “الرسوم” يوما تســـاء!

 فلك القدر والجنـــاب المعلـــــــــى                   ولك الكوثــــر الهنـــي السخـــــاء

 جهلوا شأنك العظيم، وهل ينــــــــ                   فع نــور من حـل فيـــه العمـــاء؟!

 بترت ســــاق من رماك بســـــــوء                  شـل منــــه البنـــان والأعضــــــاء

 وغدا عبرة الزمــــــان ودرســــــا                   يرعـــوي عنـد زجــره السفهــــاء

 لعنـــــة الله قد تحـــل إذا مـــــــــــا                  شتــم المرسلــــون والأنبيــــــــــاء

 جمــع الله عنــده خير صحــــــــب                  قـــد فــدوه بمــا يحـب الفــــــــــداء

 وتفانــــوا في حبـــــه وتباهـــــــوا                  فــهـو تــــــــاج رؤوســـــــهم لألاء

 فهم الأكرمـــون خيــر قــــــــرون                  أسـد فــــي الوغــى، وهم رحمــاء

**   **   **

 نصــــر الله عبــــده وتــــوالــــــى                  فتحــه فـــي البــلاد فتح عطـــــــاء

 فاض من زحفـــه ينابيــع خيــــــر                  شـربت حبـــه قـلـــوب ظمـــــــــاء

 وتروت بـــــه شـعـوب تنــــــاءت                  واستنــارت بـهـديــه حكمـــــــــــاء

 وتنامــى السـلام والسلم فـي الكــو                  ن وعـم المنــى وســـاد الرخـــــــاء

 وتبـاهـى فـي حضنــه كل ديــــــن                  فـهــو دومـــا محبـــة ووفـــــــــــاء

 وغــدا المسلمــون فــي كـل فـــــج                  قبلـــة المادحيــن فيـهـم ثنـــــــــــاء

 وازدهــت عندهـــم حضــارة أنس                  كيـف يـرضـى جحـودها العقـلاء؟؟

 عمت الكون، والمشـــاهد منـــــــها                  شـاهدات لنا، وهم شهــــــــــــــداء

 ووسعنــــا الأنـــام عدلا وحبـــــــا                  وحنـانا ومـــا بـهـم إقصــــــــــــــاء

**   **   **

 غيـــر أن الإلــــه سن أمـــــــــورا                  اقتضتهـا شؤونــــــــه والقضــــــاء

 وعــــد الخلــق لا يغير شيئـــــــــا                  نعمـــــة أنعمت وهم صلحـــــــــــاء

 فتبــــدت لكـــــــــل قــــاص ودان                  هفـــوات يضمـــــها استعــــــلاء؟!

 شـــــر داء أصـــابنا من قديـــــــم                  وحــديث: تفـــــرق وانمحــــــــــاء

 ثم هنـــا على الغــزاة فجـاســــــوا                  ثم عـــــاثوا، وشرهـم أوصيـــــــاء

 صوبـــوا من سهــام حقـــد وغــل                  وأبـانت عـن فعلـهـــم أنبـــــــــــــاء

 فصلــوا موطنـي الكريـم كمــا قــد                  فصـلـت منــــــــه جبـــــــــة ورداء

 وانزوى المسلمـــون في كل ركـن                  همـهم: “أرضــهم” وعم البـــــــلاء

 وتوالت ب “أرضـهم” نكبــــــات                   شـاب منها الوليــــــد والـــــداء داء

**   **   **

انهضــوا أيها الكـــــرام فأنتـــــــم                  أمــــة الخير ليس فيهـــــا خفـــــــاء

 وأعيــدوا الحيـــــاة عهدا جـــديـدا                  يثلج الصـدر صفحــــــه والإخـــــاء

 وحـــدوا الصف فالشقـاق نفــــــاق                 ودمــــــار، وخيبـــة وعـــــــــــداء

 وكفـــــــــانا القـــرون بعد قــرون                  عبث العابثـــون فيهـا أســــــــــاؤوا

 وامسحـــوا دمعـــة المغلـب فيكــم                  حل فيـــه الأســـى، وحـل الفنـــــاء

 أين منا شهامـــة العرب تجـــــري                  فــي عــــروق لنا وأين الـــــدواء؟!

 أيـــن دين لنـــا حنيــف ينــــادي:                  وحـدة الصف عصمـــة وعــــلاء؟

 وحــدة القصــد في مظاهر شتـــى                  هــي ربح وعـــــــــزة قعســـــــــاء

 سطـرت كلـها خصــال نجـــــــاح                  وفـــلاح فـــأين منـــا الإبــــــــاء؟!

**   **   **

 يا رسول الإلـــــه أرسلت نـــــورا                 فازدهــى الكــون: أرضـه والسمــاء

 إن لـــي من جنـــاب قـدرك قـلبـــا                  نبضــه الحب والوفا والسخـــــــــاء

 فعســـى أن أكــون ممـــن تـــــراه                  شــارب الحـوض وهــو عذب رواء

 وتشفـــع إلــــــى الإلــــــه بحمــــد                  إن زللــنا وقـصـــر الشـفـعـــــــــاء

 أنت كل المنـى هناك، وقد أعــــــ                  طيت مــا ترتجـي، وحق الرجــــاء

 وصــلاة الإلـــه فــي كـل حيــــــن                 وســلام يطـيب منــــــه الـفـضـــــاء

 لك يـــا سيدي وقــــرة عينـــــــــي                 صفـوة الخـلـق مـن بـــه يستضــــاء

 وعلــى الآل والصحاب وفيهــــــم                  حســــن والحسيـــن والزهــــــــراء

  طنجة: فاتح ربيع النبوي، 1431 هـ / 16 ـ 2 ـ  2010 م