النوازل الاقتصادية في المذهب المالكي.. (6)
الجانب الاقتصادي للنوازل المرتبطة بالاستثمار الزراعي
المطلب الثاني: نوازل التداول
وهذا النوع من النوازل يوقفنا على نمط المبادلات الاقتصادية بين الأموال، وهو يعالج المشاكل التي تتعلق بالنقود والسوق، وقضايا العرض والطلب والتسعير والاحتكار والحسبة وغيرها.
والجانب الاقتصادي لهذه النوازل يتمثل في بيان القواعد الاقتصادية التي كانت تحكم عملية التداول السلعي، وقواعد المنافسة، وحقوق المتعاملين داخل السوق، وعمليات السمسرة والوساطة وغير ذلك.
النموذج الأول: قضايا المقايضة
يعتبر موضوع المبادلات إحدى القضايا التي ساد التعامل بها بين أفراد المجتمع في الغرب الإسلامي، وأمام ما يشكله موضوع النقد من صعوبات إما لعدم توفره، أو لعدم وجوده، فإن المقايضة كانت تمثل في بعض الأحيان الأسلوب الوحيد للتبادل، غبر أن هذا الأسلوب كانت تعترضه بعض المشاكل مثل صعوبة تقديم قيم السلع المتبادلة، وذلك لاختلاف أنواعها ومقاديرها.
ومن هذه النوازل التي تعكس أسلوب المقايضة، مسألة بيع الحوت بالشعير والعصير[1]، وهي عادة سادت بقرية شدالية. ومسألة بيع طوبة التين بجنس آخر من الطعام كالملح وغيره[2]، أو بيع الملح بالطعام[3]، أو هل يجوز لرب الرحى أخذ الذرة مخلوطة بالشعير في أجرته؟[4]، وهل يجوز بيع اللحم بالطعام؟[5].
إن هذه القضايا تعكس طبيعة النشاط التبادلي في فترة معينة أو في مصر من أمصار الغرب الإسلامي، فهي تكشف عن وجود ظاهرة المقايضة في بنية النسيج الاقتصادي والاجتماعي، كما تبرز دور الفقهاء في توجيه هذا النشاط بما يناسب قيم الشريعة الإسلامية حتى لا ينتج عنها ربا..
يتبع في العدد المقبل..
—————————————————–
1. المعيار، ج: 5، ص: 36.
2. المعيار، ج: 5، ص: 87.
3. المعيار، ج: 5، ص: 88.
4. المعيار، ج: 5، ص: 90.
5. المعيار، ج: 5، ص: 103.
أرسل تعليق