المولى الحسن الشريف بن القاسم “الداخل”.. (1)
تمهيد
في منتصف القرن السابع الهجري الموافق للقرن الثالث عشر الميلادي، ذهبت جماعة من أعيان سجلماسة تحت رئاسة أبي إبراهيم العمري إلى بلدة ينبع النخيل ببلاد الحجاز بعد أداء فريضة الحج قصد استقدام أحد الأشراف العلويين للاستعانة به في فض الصراعات السياسية والقبلية وفي إيجاد بعض الحلول للأزمات الاقتصادية التي تعاني منها المنطقة. فوقع اختيارهم على المولى الحسن بن القاسم المعروف بالقادم أو بالداخل والذي وصل إلى منطقة سجلماسة حوالي سنة 664 هجرية 1265 ميلادية وتوفي بها قدس الله روحه سنة 678 هجرية / 1279 ميلادية، حيث دفن بالمكان المسمى المصلح، وسط واحة تافيلالت. وبفضل نبله ونسبه وعلمه، أُستقبل الشريف العلوي بحفاوة من طرف السجلماسيين، ورضوه أن يستقر بين ظهرانهم، فكان يقوم بإصلاح ذات البين بين القبائل المتصارعة وعمل على استصلاح أشجار النخيل.
هذا وقد ترك المولى الحسن الداخل من بعده ذرية اشتهر منها المولى علي الشريف بن الحسن بن محمد بن الحسن بن القاسم، والذي تنتسب إليه الدولة العلوية الحاكمة. ووصل المولى الحسن الداخل إلى سجلماسة في ظرفية كان المغرب يعرف فيها تنامي مد النسب الشريف من جهة، وتراجع النفود الإسلامي بالأندلس بعد معركة العقاب من جهة ثانية، وبتوافد قبائل بني معقل على سجلماسة ومحاولتها الهيمنة على هذه المنطقة من جهة ثالثة، مما نتج عنه صراعات قبلية فضلا عن أزمات اقتصادية بسبب تراجع تجارة القوافل وتكرار الأوبئة والجفاف.
كل هذه الظروف ساهمت في تبوأ المولى الحسن الداخل مكانة متميزة في أوساط السجلماسيين، في البداية وعند كل المغاربة مع ذريته الصالحة من بعده والتي أجمع الكل على مبايعتها وأثنى على مجهوداتها العظيمة في توحيد المغرب وضمان استقلاله وتقدمه بين الأمم منذ أن وطئت أقدامهم الكريمة هذه الأرض الطيبة. فما هي الأوضاع العامة التي كانت سائدة في العالم الإسلامي وخاصة في جناحه الغربي عند قدوم مولاي الحسن الداخل؟ وما هي الحيثيات التي دفعت أهل تافيلالت إلى استقدام المولى الحسن من الحجاز وكيف احتضنوه وعاشروه؟
يتبع في العدد المقبل..
أرسل تعليق