المنظور الاجتماعي والاقتصادي في التصميمات الحسنية الحداثية..(2)
لقد عمل جلالة الحسن الثاني على استصدار مجموعة قوانين في مختلف المجالات الحيوية لبلورة فعالية التشريع الإسلامي الذي اقتبس منه نابليون “مدونته المدنية” والذي أبرز المؤتمر الدولي المقارن خلال انعقاده بباريس في سابع يوليوز 1951 ثراء نصوصه وتقنياته القانونية التي مكنت هذه التشريعات من الاستجابة لحاجيات الحياة المعاصرة، وهذه المدونة الرائعة هي التي وصفها بيرنارشو 1856-1950 بأنها تشكل المدونة الوحيدة في الحياة الحضارية الجديرة بتكييف وضبط الحياة البشرية استقبالا على وجه البسيطة. ومع ذلك فإن الفكر الحسني لا ينساق منخدعا بالعوامل النظرية وإنما يدعو إلى ثوابت على أرض الواقع. فإذا كان هذا التشريع جديرا بمواجهة مقتضيات الحياة في بعدها الحداثي؛ فإن كنوزه الثرية يجب أن تصبح منطلقا للعمل من أجل إعداد مدونة مثالية أخوية إنسانية في نطاق هذا المنظور الإسلامي الذي لا يرى تناقضا بين التزام الحداثة والتشبع الفعلي بروح الإسلام. لهذا أكد الملك الراحل في خطاب العرش العام 1981 وجوب المبادرة من جديد إلى تفعيل حياة حداثية متطورة في ظل المدرك القرآني الصحيح.
ولا تطبع سياسة المغرب هذه أية سمة انعزالية لأن المملكة ظلت في جميع مراحل تاريخها بلدا متفتحا يدعوا إلى التواؤم والتعايش والحوار، ولكن المغرب يدعو إلى مراجعة هذه المؤشرات بين الفينة والأخرى لتحقيق مواكبتها مع مستلزمات العصر والحضارة.
وفي هذه السياق الشمولي عمل العاهل على ترشيح المغرب لعضوية “الشراكة الاقتصادية الأوروبية” انطلاقا من إستراتيجية الجغرافية والعوامل المختلفة النابعة من طموحاته السياسية والاقتصادية.
والمغرب في خياره هذا يعدو سعيه الموصول ليعيش عصره في تفتحه على العالم ورغبته في الاستفادة من مصدراته أخداً وعطاءً. ولذلك تجب مراجعة النظام الاقتصادي المغربي لمساعدة المواطن على الاندماج في المجتمع الإنساني المعاصر استهدافا للتنافس الحر في معركة الحياة البشرية القائمة وهذه خيارات لا تمس بأي حال شخصية المغرب، ولا البعد الصحيح لهويته إذا عرفنا طبعا كيف نضمن تحقيق أهدافنا وطموحاتنا في خطوات متئدة جازمة تؤهل بلدنا لمكانة مرموقة في مستوى الدول المتقدمة..
يتبع في العدد المقبل..
أرسل تعليق