المناظرات.. (1)
مناظرة أبي عمران الفاسي لفقهاء القيروان
قال عبد الجليل بن أبي بكر الدِّيباجي: جرَتْ عندنا بالقيروان مسألةُ الكفار هل يعرِفُون الله تعالى أوْ لاَ؟ فوقع فيها اختلاف كثير، وتنازعٌ بين العلماء، وكان أكترَ من يعتني بها رجلٌ مُؤَذِّنٌ يركب حِمَارةً ثم يذهب من واحد إلى آخر، ولا يترك مُتَكلِّماً ولا فقيها إلا ويُنَاظِره في هذه المسألة، وعظُمت حتى كثُر الجِدال بها في الأسواق.
ثم أتوْا أبا عمران الفاسي فقال ما بالُكم؟ قالوا أصلحك الله أنت تعلم أن العامَّة إذا حدثَ بها حادث يفزَعُون إلى علمائهم، وأنت تعلم ما جرى في هذه المسألة. فقال أبو عمران: إن أنتم أنصفتُم وأحسنتم الاستماع أجبتكم. فقالوا: نعم. فقال: لا يكلمني إلا واحد منكم فقصده ذلك الواحد. فقال: أرأيت لو أنك لَقِيْتَ رجلاً، وقلت له هل تعرف أبا عمران الفاسي فقال لك: أعرفه فقلت: صفه لي فقال: هو رجل يبيع البَقْل، والحِنْطةَ والزَّيْت في سوق ابن هشام، ويسكُنُ البَصْرةَ أكان يعرِفَني؟ قال: لا ثم قال له: فلو لَقِيتَ آخرَ وسألته عني فقال لك: نعم أعرفه فقلت: صفه لي فقال: هو رجل يدرس العلم، ويُفتِي الناس ويسكُن بقرب السِّماط أكان يعرفني؟ قال: نعم قال له: والأول ما كان يعرفني؟ قال لا، قال: فذلك الكافر الذي يقول إن للمعبود صاحبةً، وولدا، وإنه جسم من الأجسام فانفصَلُوا عن رأيه.
عن كتاب النبوغ المغربي في الأدب العربي لمؤلفه العلامة عبد الله كنون الجزء الأول الطبعة الثانية دار الثقافة ص: 367-366.
أرسل تعليق