المفهوم الديني للحياة والموت.. (1)
1. التعريف الشرعي للموت عند المسلمين
يعرف الفقهاء الموت بأنه: مفارقة الروح البدن، وحقيقة المفارقة تتجسد في خلوص الأعضاء كلها عن الروح، بحيث لا يبقى جهاز من أجهزة البدن فيه صفة حياتية[1]، فالموت من هذا المنظور يعني انقطاع الحياة عن البدن انقطاعا تاما وكاملا.
وقد ناقش علماء الإسلام حقيقة مفارقة الروح للجسد، وبينوا أن الموت معناه تغير حال فقط، وأن الروح باقية بعد مفارقة الجسد، إما معذبة، وإما منعمة، قال الغزالي (ومعنى مفارقتها للجسد انقطاع تصرفها عنه، بخروج الجسد، عن طاعتها؛ فإن الأعضاء آلات الروح تستعملها حتى إنها لتبطش باليد)[2]، وقال ابن القيم (موت النفوس هو مفارقتها لأجسادها وخروجها منها؛ فإن أريد بموتها هذا القدر فهي ذائقة الموت، وإن أريد أنها تعدم وتضمحل وتصير عدما محضا فهي لا تموت بهذا الاعتبار)[3].
وإذا كان هذا المفهوم للموت ميتافيزقيا؛ فإن الفقهاء حاولوا ضبطه بعلامات وأمارات تدل عليه منها: توقف القلب عن العمل، وانقطاع النفس، وسكون الحركة في البدن كله، وانخساف الصدغين، وامتداد جلدة الوجه، وتقلص خصيتيه إلى الفوق مع تدلي الجلدة، وبرودة البدن[4]. وهذه العلامات التي ذكرها الفقهاء استندوا في تقريرها إلى بعض الأحاديث النبوية الشريفة، وإلى خبرة البشر في مثل هذه الأمور، ولذلك نبه الفقهاء إلى احتمالات الخطأ في تشخيص الوفاة، قال النووي في روضة الطالبين (فإن شك بأن لا يكون به علة، واحتمل أن يكون به سكتة، أو ظهرت أمارات فزع أو غيره، أخر إلى اليقين بتغير الرائحة أو غيره)[5].
———————————————————
1. أجهزة الإنعاش وحقيقة الوفاة بين الفقهاء والأطباء، بكر بن عبد الله أبو زيد مجلة مجمع الفقه الإسلامي عدد: 3، ج: 2، سنة 1987م.
الطبيب أدبه وفقهه محمد علي البار، ص: 185.
2. إحياء علوم الدين للغزالي، ج: 4، ص: 495.
3. الروح لابن القيم، ص:13.
4. الطبيب أدبه فقهه:محمد علي البار ص: 186، نقل الأعضاء بين الطب والدين مصطفى محمد الذهبي، ص: 107.
5. روضة الطالبين: النووي ج: 2، ص: 98.
أرسل تعليق