الماء والكائنات الحية (3/3)
الحيوانات: تنقسم الحيوانات إلى كائنات مائية تحتاج الماء طيلة حياتها، وبرمائية تعيش في الماء لفترة محددة من مراحل حياتها، ثم الكائنات التي تعيش على الأرض حيث تتأقلم بحسب الظروف الطبيعية. قال الله تعالى: “والله خلق كل دآبة من مآء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشآء إن اَلله على كل شيء قدير” [سورة النور، الآية: 45].
تحصل الحيوانات على الماء بواسطة الشرب والأكل، يتوزع الماء وهو ينقل الأغذية لكل الأعضاء. يساهم في العديد من التفاعلات الكيميائية ويسمح بتركيب الجزيئات الأساسية، بواسطة الماء تتم عملية الهضم فتتحول الجزيئات الغذائية الكبيرة إلى أخرى صغيرة تستطيع خرق الجدار المعوي بسهولة لتصل إلى العروق الدموية، كما يساهم في الحفاظ على التوازن الحراري للجسم، ويعمل على تنقيته من السموم والفضلات عن طريق البول والعرق والتنفس..
النباتات: تسحب النباتات الماء والأملاح المعدنية من التربة بواسطة شعيرات الجذور، ينتقل بعد ذلك عبر قنوات مخصصة إلى الأجزاء العلوية للنبات، يتحلل الماء بفضل الطاقة الشمسية ويدمج مع ثاني أكسيد الكربون، ليكون الأكسجين والجزيئات العضوية “السكريات” وهذا ما يعرف بالتركيب الضوئي، فالنباتات ماؤها واحد ومع ذلك تختلف في مذاقها وطعمها لونها وشكلها وثمرها، قال الله تعالى: “ألم تر أن الله أنزل من اَلسمآء مآء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها” [سورة فاطر، جزء من الآية: 27]. وقال عز وجل: “تسقى بمآء واحد ونفضل بعضها على بعض في الاُكل” [سورة الرعد، جزء من الآية: 4].
الماء والإنسان
يعتبر الماء المكون الأساسي لجسم الإنسان؛ إنه يمثل 60% من وزن الطفل والمراهق والبالغ، ويمثل من 70 إلى 75% من وزن الوليد، يوجد الماء داخل الخلايا بنسبة 40% ويتواجد خارجها، الدم ومحيط الخلايا بنسبة 20%، يرتكز التوازن المائي في جسم الإنسان على الكسب “الشراب والأكل”، والفقد العرق، البول،التنفس، اللذان يزيدان أو ينقصان بسبب العوامل البيئية، الحرارة، الرطوبة، حركة الجسم. كما تلعب الكليتان دورا هاما في حفظ التوازن المائي إضافة إلى الدور الذي يلعبه النظام الهرموني عن طريق فزبرسين la vasopressine.
للماء وظائف عديدة في جسم الإنسان نذكر منها:
يدخل الماء في تركيب العصارات الهاضمة، فبدونه لا تحدث عملية الهضم؛
الماء ضروري لنقل المواد الغذائية أو العناصر الغذائية بعد الهضم إلى جميع الخلايا عن طريق الدم؛
يلعب الماء دورا أساسيا في تلطيف درجة حرارة الجسم، وذلك عن طريق العرق وتبخره عن طريق الجلد؛
يستعمل الماء في عملية تنظيف الجسم من السموم و الفضلات.
عندما ينقص ماء الجسم بمعدل 2%، يرتفع تركيز مصل الدم، الشيء الذي يهيج مركز العطش في الدماغ، وعندما ينخفض الماء ب 10%، ينكمش الجلد ويصاب الإنسان بالهلوسة، إن فقدان الماء بنسبة تصل إلى 15% يؤدي إلى الموت.
يقول العلماء، إن تناول لترين ونصف من الماء يوميا عن طريق المشروبات والأكل ضروري للحفاظ على كمية مستقرة من الماء في الجسم، إن نقص هذه المادة الحيوية يتسبب في الكثير من الأمراض، كالضغط أو زيادة الأملاح في جسم الإنسان، وترسيبها في الجهاز البولي، وتكوين حصوات في الكلي، وعدم القدرة على إخراج السموم من جسم الإنسان، وحدوث الإمساك.
تأخذ أهمية الماء في حياتنا، بموازاة ما قلناه، بعدا جماليا كذلك، حيث يساعد الإنسان في مواكبة سيره في الحياة، فالتمتع بجمال الطبيعة ونسيم البحر يساهم في الترويح عن الأنفس، وإذا كان جسمنا لا يستطيع أن يعيش من دون ماء؛ فإن أرواحنا كذلك لا تستطيع التخلي عنه؛ لأنه أساسي لإقامة الطهارة اللازمة للصلاة، قال الله تعالى: “ياأيها اَلذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلَى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلَى الكعبين” [سورة المائدة، جزء من الآية: 6]. وقال تعالى في آية أخرى: “اِذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من اَلسمآء مآء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز اَلشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الاَقدام” [سورة الاَنفال، الآية: 11]. كما قال النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه الإمام مسلم: “الطهور شطر الإيمان”، إذ لا تحصل الطهارة إلا بالماء الطهور.
يعتبر الماء من أعظم النعم التي امتن بها الله تعالى على عباده، إذ جعل منه كل شيء حي، ورغم تنوع الكائنات الحية من حيث أشكالها وألوانها وخلقها وأفعالها وأنماط عيشها فهي تتحد في أصل حياتها، وهذا دليل ساطع يؤكد وحدانية الخالق قال الله عز وجل: “وَهُوَ اَلذي خَلَقَ اَلسَّمَاوَاتِ وَالاَرضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى اَلْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا” [سورة هود، جزء من الآية: 7]. ومن حكمته ومنته جل وعلا أن جعل الأرض أكثر الكواكب غنا ووفرة على الماء، فعلماء الفلك يسمونه “الكوكب الأزرق”. كما جعل للماء دورة تسير وفق نظام رباني محكم أشار إليه الخطاب القرآني ثم أثبته البحث العلمي، قال الله تعالى: “وما بكم من نعمة فمن الله” [سورة النحل، جزء من الآية: 53].
المراجع:
1. الماء في القرآن الكريم، غالب محمد رجا الزعارير، مكتبة الزمان، الطبعة الأولى: 2003م.
2. الظواهر الفيزيائية والبيولوجية في القرآن الكريم، د مؤيد محمد صالح العابد، الدار الإسلامية، الطبعة الأولى: 1998م.
3. موسوعة الإعجاز القرآني في العلوم والطب والفلك، د. نادية طيارة، الطبعة الأولى، اليمامة، دمشق-بيروت: 2007م.
4. نبضات الحياة في قطرات المياه، د. محمد ربيع، أسرتي تدخل كل بيت، ص: 116-117. May 2008.
5. L’eau et l’hydratation : une nécessité pour la vie, J.-F . Duhamel , J. Brouard. Journal de pédiatrie et de puériculture, 2010, 23, 9-12.
Le cycle de l’eau et les activités au sein de l’espace rural. Enjeux globaux,
6. solutions locales et régionales. Alain Perrier, Andrée Tuzet. C.R. Geoscience 337, 2005, 39-56.
أرسل تعليق