القيم الدينية بين المسالمة والحياة – الموت السريري والموت الرحيم نموذجا (5)
3. الموت السريري
الموت السريري: “clinical death” هو حالة الانعدام المفاجئ لدوران الدم في الأوعية الدموية، والتنفس، والوعي في أحيان قليلة، وقد يعرف أحيانا بالموت الدماغي، وما يحدث في حالة الموت السريري هو تلف المراكز الحيوية في المخ، والتي يطلق عليها أحيانا جذع المخ، وهي مراكز التنفس والأوعية الدموية، وفيه يتوقف عمل أجهزة الجسم بشكل مفاجئ بما فيها القلب والتنفس، نتيجة لإصابة بليغة، لكن يظل القلب والدورة الدموية يعملان بشرط استبدال التنفس الطبيعي بالتنفس الصناعي، وهو ما يبقي المريض ميتا سريريا على قيد الحياة لبعض الوقت؛ لأن مظاهر الحياة تبقى موجودة على مستوى خلايا الجسم عبر عمليات الأيض داخل الخلية، وإذا لم يتم التدخل بسرعة في الإنعاش؛ فإن الشخص يدخل حالة الموت البيولوجي[1].
لقد أحدث مفهوم الموت السريري تحولا كبيرا في ميدان العلوم الطبية، وكشف عن الكثير من دقائق الحياة، وأسرار الموت، فتوقف القلب عن العمل لا يعني بالضرورة الوفاة ( فترة الإحتضار)، كما أن استمرار القلب في العمل بعد موت المخ لا يعني الحياة[2]، مما ترتبت عنه آثار شرعية وقانونية,تمثلت في حدود العلاقة بين الإنسان وجسده، ومسؤولية الطبيب في التدخل لإنقاذ حياة المريض، وما هي العلامات الطبية والفقهية التي يحكم فيها بوفاة أو حياة الكائن الإنساني.
إن هذه الإشكالات كانت مثار جدال واسع بين علماء الشريعة والأطباء وعلماء القانون، ولذلك سنناقش هذا الموضوع من زاوية التعريف الديني والطبي للموت والحياة، والإشكالات التي يطرحها موت الدماغ، ومدى شرعية تدخل الطبيب في رفع أجهزة الإنعاش الطبي..
يتبع في العدد المقبل..
————————————————————-
1. موت القلب، أوموت الدماغ، محمد علي البار، ص: 15 الدار السعودية جدة 1986م.
2. زرع الأعضاء البشرية عبد الحميد سحبان، ص: 41.
أرسل تعليق