القرآن الكريم مؤسِّسا لإجماع الأمة اليوم.. (17)
الإجماع والوعي الجمعي في السياق المعاصر
وكما يؤسِّس الإجماع الاجتهاد؛ فإنه يحكمه أيضا ذلك أن سلطة الإجماع لا تقف عند حدود تأسيس “النص” تأسيسا أصوليا، بل تتعدى ذلك إلى مضمونه.. كما تفتح آفاق الاضطلاع بدور اللحمة والسدى في أمة أنهكتها الخلافات والصراعات بمختلف الأنواع والنكهات.
مما يجعل عملية المراجعة هذه، عملية معرفية منهجية ضرورية، تحتاج إلى فرق بحثية جماعية، تضم علماء في مختلف التخصصات، لتحقيق شرطي الدقة والنجاح.
إن أهمية هذه المبادرة تكمن في أنها لا تستجيب لهدف أكاديمي بحثي فقط، بل تشفع ذلك بهاجس حضاري؛ وهو هاجس التأسيس، الذي يحمل في طياته رؤية للعالم فاعلة تحرك الأمة، وتنتج المفاهيم والقيم والضوابط لهذه الحركة والفاعلية.. وهي رؤية منبعها الأساس، الرؤية القرآنية الكونية الحضارية، بقيمها ومفاهيمها ومبادئها وثوابتها، وفي ذلك إحياء لسيرة المفهوم، وواقعيته، وفاعليته، ووظيفيته التي كان يتسم بها خلال العصر الرسالي والراشدي على مستوى اتخاذ القرارات الخاصة بنوازل وأزمات الأمة العامة.
ومن الوظيفي، استحضار الوعي بأن هذه العوائق حين استحكمت، صيرت الأمة الإسلامية، في كثير من مناحيها وأبوابها، تنسد مناهج الاجتهاد والإبداع فيها، مما يستدعي مراجعات في ضوء إدراك هذا التمزق بمختلف تمظهراته، واستحضار المداخل المسهمة في النأي بالأمة عن واقع التعضية والتشظية..
والله المستعان
أرسل تعليق