القرآن الكريم مؤسِّسا لإجماع الأمة اليوم.. (2)
المقدمة الثالثة: أن يكون لدى الباحث وضوح في القضايا التي يريد أن يستنطق بخصوصها القرآنَ المجيد، إذ حين اتضاح هذه القضايا؛ فإنها تكون بمثابة التضاريس الفكرية، والنفسية، والوجدانية، التي من شأنها أن تمكّن الدارس من التقاط ما يتعلق في القرآن المجيد، بالمواضيع المبحوث فيها من إشارات؛ وإلا فسوف تغلب على البحث العموميةُ والسطحية.
فالإنسان الذي قد اشتغل في التربية مثلاً، ووقف على بعض إشكالاتها، وأدرك الأمور التي تقتضي الحل، ووقف على حيثيات التربية، يكون أكثر استعدادًا لتلقي الإشارات والآيات الموجودة في القرآن المجيد بخصوص هذه المسألة. أما إذا دخل إلى كنه القرآن الكريم خالي الذهن، فإنّه سوف يُتخطّف ويُجتال بقضايا كثيرة ومتعددة، ولن يكون الاستنطاق للقرآن المجيد بخصوص المضمار المبحوث فيه كما هو مرجو؛ بمعنى أنّ بناء هذه التضاريس التمثلية والفكرية، التي سوف تُمكّنُ من التقاط الإشارات القرآنية المتعلقة بالقضية المدروسة، لا بد منه بين يدي الدخول إلى عالم القرآن الرحيب لبحثها.
المقدمة الرابعة: التي لابد منها أثناء بحث قضية الإجماع والوعي الجمعي في القرآن المجيد، هي أن يستحضر الإنسان في كل لحظة كونه إنسانًا ينتمي إلى الأسرة الآدمية الممتدة عبر الزمان والمكان، وأنه يشكل معها وحدة، ويعيش معها تحديات مشتركة لابد من العمل المتضافر لرفعها، مما يجعل من الإنسان القرآني كائنًا كونيًّا، يتبنّى هموم العالمين في كافة امتداداتهم، وهذا تنتج عنه حالة من المشاركة الوجدانية، تساعد على تَلقِّي إشارات القرآن الكريم بخصوص الوحدة والاجتماع، إشارات لا سبيل إلى تلقيها في غياب هذا الشرط النفسي والوجداني.
وهذا الشرط يعدّ بمثابة الإطار العام المحدّد للوجهات التي سوف ينطلق فيها الباحث حين يكون منفتحًا على هموم العالمين، ويكون عنده كل الافتقار وكل الإدراك اللذين مضت إليهما الإشارة.
والله المستعان
الأمين العام
للرابطة المحمدية للعلماء
أرسل تعليق