الشجرة
يقول الله تعالى: “ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها”
أنا التي سميتمــوها الشجــــرة تعطـــي لكــم ظلالهـا والثمــرة
ونورها الجميــل حيـن يفتــــح للعيـن بهجــــة وقلـب يفـــــرح
أوراقــها بهيــــــة الأشكـــــال تنـاسقت في الغصــن والظــلال
آيات ربنا إليــــها يهـــــــــرع مـن لفحتــه الشمس حيـن يرتـع
وعرق الوجـــه يسيل سلســلا علــى الخدود، فاز مــن تظلـلا
وتستريـح نفســه في الحـــــال ممـا دهـاه مـــن شقـــا الكــــلال
وقد يذوق من قطافـها الجنـــي ويجذب الغصـون وهــي تنحني
** ** **
طبـيعـــــة سخـرها الكـريـــــم فـارفـق بهــــا يحضنهــا النسيـم
واستنشق العطر من الزهــور فهـــي غــذاء الفكـــر والشعــور
بــها تـهـب نفحــــات الشعـــر بهـا الخيـال الغض بـات يسـري
كم شاعر في الروض قد تبتلا وعشـق الأزهـار حتــى ثمـــلا
فراح يتحـف الــــــورى بالفن ويسعــد المنشــد والمــغـنـــــي
** ** **
بهــا تحــــول الــذي تبــــــدى إلــى رقيــق اللفــظ واستـمــدا
من وحـي ما رآه في البستــان مـن بهجـــة الأزهـار والأفنـان
ومن طيــــور غـردت أعلاها تـطــــــرب إذ سبـحــت الإلـهـا
بــزقزقــات عذبت وطـــــابت ولحنيــــن إلـفهـــــا استجـــابـت
فقال: أعين المها قـد سحـرت بيـن الـرصافــــة وجسر طلعت
وصـاغ مـا شــاء مـن الإبـداع يلــذ فـــــي الإنشــاد والسمــاع
** ** **
وقــال سـامـعـــه: قـد خـشيت عليـــــــه أن يــذوب، لا يبيت!
هـذبــــه الـتحضــر العـجـيــب فــــي بيئـــة منظرهـــا يطيـب
والعيش يحلــو عندهـا وليتــها تسلــم مــن أذى الأنام، ليتها!
فـراق منــه اللـفـظ والمعانـــي والسحــر فاض منـــه بالبيــان
ورسـم الخيــال منـــه لوحــــة فنيـــة، فـيا لـها مـن دوحــة!
** ** **
أمـــا الـذي يفسـد فـــي الـبـلاد خالـف رب الكــون والعــباد!
تــراه يقـطع الـزهـور والشجر وقلبه لا شك أقسى من حجـر!
ولا يراعــي حـرمـــة التنزيـل ودررا مـن كلـم الــرســــول!
كــم آيــــة تنهـاه فـــي الـقـرآن وكـم حديـث خـص بــالتبيـان
كفـــى السفينـــة التـي قـد مثلت سلامــة الأمــــة فيمــا حملـت
وإن طغــى بعضهـم وخــــرقا فيهـــا لموضعــه مـاتوا غرقا!
** ** **
ويقطف الـثمــــار قبـل الـوقت لنضجهــا فـبـئس فعـل الـبـت!
أو يضــع الوسـخ فــي الظلال أو الطـريق شأن ذي اعتـلال!
تلـوثت أجــواؤنـا، والبــحــــر بـفعـلنــا وضــج منـا البــــر!
** ** **
ألـم تر الحيــاة فـــــي الأكــوان تدب بالمــاء مــدى الزمـــان
فهــو الحيـاة كلـها لمـن نظــــر بعين فكــره، وقلـب وبصــر
ومــن أساء فعلـــه فــي المــاء فليرتقـب عقوبـــة السمـــاء!
يكفيــــه شرا قد تسمــى مفسدا عند الجميـع لـن يـرى مؤيدا
** ** **
فـالـحذر الـحذر يا بنــي البشر مـن لـوثـة يسـحقنا منها شرر!
وسنـــة الإلــــه فــي التــغـيير عادلـــة فـــي منهـج المصيـــر
فـلـيس يهـلك القــرى والنــاس دأبـهــم الصـــلاح والإيـنـــاس
وكــل مـا يـؤذي الأنــام منعــا لمـن لــــه عقـل ومن قد سمعا
ومن هنا الزجر يحق شرعــــا لكـل مـن أظـهر يـوما بــــدعا
ثم القصاص قال فيــه ربنــــــا حيــاة يـا أولــي النـهـى وأمننـا
والردع مشـروع مـــع التعزير لكـل مفســـد، علـــى التقديـر
** ** **
تــلك المدينــــة التــي تفضـــل لكـل مخلــوق دعــاه الأمــــل
عسى لعل يرعـوي من أظهرا مفـاسد البيئـــة أمـرا منكـــرا
ويحتفـــــي مغربنـــا الحـبـيـب ببيئـــــة يشهــدها الــرقيــب
لاسيمـــا ونحــن فــــي الأنــام أمتنـــا للخـيــر والســــــلام
أخرجـهـــا اللـــه لخيــر الخلق كفـى بهـا قــد رشحت للحق
** ** **
فـهـذه خلاصــــة الرسالــــــــة لمن يريـد الفوز لا محالـــة
رمــزت بالشجـــرة الظليلـــــة لبيئتــي النـقـيـــة الجـميلـــة
شجرتـــــي الكنز ونعـــم الكنز وبيئتــي بهـا يتــم العـــــــز
ملاحظة :
ألفاظ القصيدة، اخترتها سهلة ميسرة، ليكون نفعها أعم، إن شاء الله تعالى.
طنجة: 20 / 4 / 2010
أرسل تعليق