الشبكة الكونية
يقول علماء الفلك المعاصرين أن الكون أضحى أكثر غموضا مما تصوره الإنسان في الماضي، اعتمد علم الفلك على ملاحظة الأجرام الفضائية وتصور النماذج الكونية القائمة على المعادلات الرياضية والقوانين الفيزيائية الكونية. لكن الدراسات والأبحاث العلمية والتجريبية التي شملت آلاف السنين الضوئية لا تعادل إلا جزءا ضئيلا من الكون إذ لا يتعدى 4%.
رصد التلسكوب الفضائي -WMAP- الذي أطلق عام2001م خريطة الإشعاع الكوني الخلفي الموافق لزمن غير بعيد من ظاهرة -big-bong- أي قبل 380000 سنة ضوئية، نشرت الخريطة في مارس 2006م، واهتم العلماء بدراسة هذه الخريطة الحرارية الكونية فاستنتجوا منها الكثافة وتوزيع المادة الأولية الكونية.
إن من أعظم ما اكتشفه علماء الفلك في هذا العصر أن الجزء غير المدرك من الكون ليس فارغا بل هو مكون من مادة لم تكن معروفة من ذي قبل وهي ما أطلق عليها بالمادة السوداء. ومن أجمل ما صممه الحاسوب الضخم أو السوبر كمبيوتر في مجال علم الفلك، هي تلك الشبكة العنكبوتية الكونية أو النسيج الكوني الذي نسبح فيه بدون شعور..
فالكون يتألف من المادة العادية -La matière ordinaire ou la matière baryonique- بنسبة ضئيلة لا تفوق 4%، وهي تمثل الكواكب والغازات والنجوم.. في حين 96% منه يتكون من المادة السوداء -La matière noire- 26% والطاقة السوداء -L’énérgie noire-70%.
لقد اكتشف العلماء أن الكون مكون من تركيب محكم وتنظيم هرمي منسوج بطريقة في غاية الدقة. فالنجوم -Les étoiles- توجد في مجمع يعرف باسم المجرة -La galaxie-، تحتوي المجرة على مئات المليارات من النجوم، وهي بدورها تتجمع لتكون شبكة عنكبوتية ثلاثية الأبعاد. فهي تتوزع على بقع تأطر فراغات كبيرة. تكون هذه البقع خيوطا تتركز بها معظم المجرات. وفي نقط تقاطع هذه الخيوط توجد مجمعات جد ضخمة من المجرات -Les amas- بحيث يفوق عددها عدة آلاف.. لقد كان للقرآن الكريم السبق في الإشارة لهذا الإبداع الفني الإلهي، قال رب العزة في محكم كتابه الحكيم: “والسماء ذات الحُبُكِ” [الذاريات، 7].
وتجدر الإشارة أن المادة السوداء والطاقة السوداء المكونتان الرئيسيتان للكون في ظلال الغموض والمجهول، غير أن العلماء استنتجوا من خلال عديد من الدراسات والأبحاث، كالتي ارتكزت على تطور السوبرنوفا -Supernovea- من أجل شرح وتفسير ظاهرة التوسع الكوني المتسارع، بأن الطاقة السوداء –كمية غير معروفة- لها تأثير ضد الجاذبية -Antigravitation- وهي التي تؤدي إلى هذا التوسع المتسارع بحيث يتم حقنها باستمرار. كما استنتج العلماء كذلك، أن المادة السوداء تتكون من مادة ذات طبيعة دون الذرية من مثل: (النيترون. (WIMP. Weakly. Interacting. Massive. Particles ، وغيرها من الجسيمات دون الذرة، يقول الله سبحانه وتعالى في هذا السياق: “وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الاَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ” [يونس، 61].
المراجع
1. نادية الطيارة، موسوعة الإعجاز القرآني في العلوم والطب والفلك، الجزء الأول، الطبعة الأولى، مكتبة الصفاء أبو ظبي، 2007م.
2. Jean-Marc Bonnet-Bidaud, Une mystérieuse énergie sombre complique le jeu, Ciel et espace, p54, Decembre 2006.
3. Dominique Yvon, la grande histoire thermique de l’univers, CLEFS CEA, N°58, P 62, Automne 2009.
4. Monique Arnaud, La toile d’araignée cosmique, CLEFS CEA, N°58, P 62, Automne 2009.
أرسل تعليق