السعي العملي لتحقيق وسائل الإجابة
قال تعالى: “الذين يقولون ربنا إننا ءامنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار، الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاَسحار” [سورة اَل عمران، الآيتان: 16-17].
يتصف المؤمنون من خلال هذا الدعاء بخمس صفات دل عليها قوله تعالى: “الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاَسحار” [سورة اَل عمران، الآية: 17].
1. الصبر: وهي صفة تثبتهم على الرضا بما قضى الله تعالى، كما تمكنهم من الترفع على الآلام والاستعلاء على الشكوى. ولهذا نوه الله تعالى بمقامات الصابرين وبدرجات قربهم منه. من ذلك قوله تعالى: “وجعلنا منهم أيمة يهدون بأمرنا لما صبروا” [سورة السجدة، جزء من الآية: 24]، وقوله: “الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون” [سورة البقرة، الآية: 156][1]؛
2. الصدق: وهي صفة تقدرهم على الجرأة على قول الحق والعمل بمقتضياته بلا هوادة، ولا مهادنة، ولا مجاملة، ولا مداراة؛
3. القنوت: وهي صفة تمكن صاحبها من أداء حق الله وواجب العبودية له وحده دون سواه. ولهذا إن القنوت هو “ملازمة العبادات في أوقاتها وإتقانها”[2]؛
4. الإنفاق: أي إنفاق المرء على نفسه وأهله وأقاربه، وبها يكون التطهر من الشح والبخل؛
5. الاستغفار بالأسحار: وهو الصلاة وما تشتمل عليه من دعاء في أواخر الليل.
لقد دعا هؤلاء المؤمنون المتصفون بهذه الصفات الخمس بأن يغفر الله تعالى لهم ويقيهم عذاب النار. فهم مؤمنون يبرهنون على قولهم الإيماني برهنة عملية متجسدة في صبرهم وصدقهم وقنوتهم وإنفاقهم واستغفارهم بالأسحار. وأبرز ما يمكن أن يستفاد من قوله تعالى: “الذين يقولون ربنا إننا ءامنا” [سورة اَل عمران، جزء من الآية: 16]، أن قول هؤلاء المؤمنين ليس مجرد قول نظري مجرد يفتقر إلى الأدلة والشواهد العملية المجسدة في الواقع. كلا فهذا القول الإيماني يستمد شرعيته من درجة ونوع تطابقه مع الواقع. بكلام آخر يشهد على هذا القول الإيماني سلوكهم؛ لأنهم صابرون وصادقون وقانتون ومنفقون ومستغفرون بالأسحار. ولعمري إن هذا لهو الشأن في الداعي؛ لأنه لا يكتفي بالادعاء ورفع الشعارات المجردة، وإنما يسعى دائما إلى استفراغ جهده من أجل تحصيل وتحقيق وسائل الإجابة وتجويدها وترقبها وتعاطي أسبابها. يستوي في ذلك نوعان من الأسباب:
أولهما: الأسباب التي ترشد إليها العلوم والمكاسب والخبرات البشرية؛
والثاني: الأسباب التي ترشد إليها تقوى الله عز وجل وما تتطلبه من تذلل تام بين يديه، وعبودية كاملة له.
———————————–
1. يراجع إسماعيل الحسني، حلقة دعاء الرجوع إلى الله تعالى، جريدة ميثاق الرابطة، العدد 36، 2011م.
2. ابن عاشور، التحرير والتنوير ج 3 ص 185. وعرف الرازي القنوت بقوله: “الدوام على العبادة والمواظبة عليها” تفسير مفاتيح الغيب، ج: 7، ص: 196..
-
ان هده الاية من بين ثلاث ايات التي كلفتني أيها الدكتور العزيز بدراستها وفي مقالتك هده مادة دسمة يمكن الاعتماد والرجوع اليها .واني لجد مسرور بالعثور على هده المادة العلمية التي وضحت ورسمت لي معالم المنهج الدي يمكنني أن أسير عليه .فجزاك الله عني خير الجزاء وزادك الله علما وسدادا وتوفيقا…
التعليقات