الزهر الموؤود
جــــادَ الربيعُ عـلى الرياض بحـــلَّةٍ حِيكــتْ بَأنْســـامِ البُكُــــورِ حَريــرا
من بعدِ مَا، في الماء، داعَبَ غزْلَه فحبـــاهُ من فرطِ السُّـــرورِ خَـــريرا
طربــــتْ لَهُ أجـــواقُ طير ســــابحٍ فـــي موْجِ عطـــرٍ يستطيبُ غَديرا
غَنَّتْ بمحــــرابِ الضِّيـــاء قصـــائِداً قبْل الشُّـــرُوقِ، تعبُّـــداً وسُــــرورا
فاهتزَّ من طربٍ وفــاح على الرُّبـــا زهرٌ أســال علـــى الغُصُونِ عُطورا
وتحفُّه فــي هالةٍ مـــن عطرِهــــا فيصيـــحُ بالشِّعْرِ الرقيـــقِ جَهِيــرا
وتُقيـــمُ عُرْساً للصَّفــــاءِ لســـاعة ترجـــوا، لشوق، أن تدوم دُهُــــورا
عبثـــاً تمنَّى الروْضُ يـروي غلَّـــــةً من كوثَــرٍ يسقِي القريضَ عصـير!
إذا لم يفِ الشحرورُ بالوعدِ الـــذي من أجـــله صـــار الطليـــقُ أَسيرا
كمدٌ أصَــاب الرَّوضَ وانقلبَ الرَّجَـــا يأســاً، ولحنُ الطيْـــر صــار نَذيرا!
والزَّهـر طأطــأ رأسَه فــي غُصَّـــةٍ ورحيقُـه كالدَّمــع سَـــــالَ مريــرا
والعُرْسُ صَــار مآتمـــاً حَالَتْ لَهَــــا أجْــواقُ بُــــومٍ، والغــــرابُ، نَفِيــــرا
فبكتْ غُصُونٌ واعداتٌ مِنْ أسَـــى، زهــــراً غَــدا رثَّـا وكــــان نَضِيـــــرا
دَبُلَتْ لــه الأوراق مِنْ ظمإ الْوَفــــا مِنْ بَعْـــدِ مَـــا زانَ النِّساء نُحــــورا
والماءُ أقلــــع عـــن خرير هامــسٍ والهجرُ كـــان كتــــابُه مسطُـــــورا
أسفي على روضِ تنمَّق وازْدَهَى صُبحاً، وبَـــات ربيعُــــه مهْجــــــورا
تبا لأعْــــراضِ الحيــــــاةِ إذا غـدتْ للمــــرء عبئاً بالجفــــــاءِ بشيــرا!
تمتــــصُّ أوقاتَ الهنــــاءِ، شراهةً، حتــــــــــى يؤبِّــنَ خلَّــهُ مقبــــورا
يــا لَلتعاسَةِ عندما يشكو الفتـى: لا تعكــس المرآةُ منــــه ضميــــرا
وسعـادَةً المرْءِ ينسَــــى خِلَّـــــهُ، ويَنَــــام مرتَــــاحَ الضمير قريـــــرا!
أرسل تعليق