الرعاية الاجتماعية للأطفال
كثيرا ما نسمع أو نقرأ عن أطفال يعيشون في “وضعية صعبة”، ونجد من بين هؤلاء الأطفال المتخلى عنهم أو ما يعرف بـ “الأطفال المهملين” وهي ظاهرة أضحت في مجتمعاتنا، وتعرف تزايدا كبيرا[1]، الأمر الذي يستدعي الوقوف عندها وإيجاد الحلول الفاعلة لها ضمن منظومة قيمنا الدينية والاجتماعية.
فقد حث ديننا الحنيف على كفالة اليتيم ورعايته، وجعل الله سبحانه وتعالى الإحسان إلى اليتامى وإكرامهم من أعظم القربات إليه عز وجل حيث قال في كتابه الكريم: “ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وءاتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وءاتى الزكاة” [سورة البقرة، الآية: 177].
أما الرسول صلى الله عليه وسلم فقد دعا إلى رعاية اليتيم ورغب في كفالته وتربيته فعن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا” وقال بإصبعيه السبابة والوسطى[2]، وإشارة النبي صلى الله عليه وسلم بإصبعيه الشريفتين لبيان شدة قرب كافل اليتيم منه – صلى الله عليه وسلم – يوم القيامة.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن أحب البيوت إلى الله بيت فيه يتيم مكرم”.[3]
وقد قامت الدولة والمجتمع المدني بإحداث مؤسسات خاصة ودور رعاية ومراكز إيواء، لهذه الفئة من المجتمع، قصد رعايتهم وتربيتهم وتأهيلهم.
لكن يبقى الهدف الأساس الذي يصبو إليه الجميع هو الحرص على تنشئة هؤلاء الأطفال تنشئة اجتماعية داخل أسر، ودمجهم في محيط أسري يؤهلهم للانخراط في مجتمعهم وتمثل لقيمه ومبادئه.
وإيمانا بالدور العظيم الذي تقوم به الأسرة، فتحت الدولة باب رعاية هؤلاء الأطفال وتربيتهم، وشجعت على ذلك وفق نظام الكفالة الذي تدعو إليه قيمنا الدينية والاجتماعية وقد رتبت على ذلك قوانين تهم الأطفال المتخلى عنهم.
فقد اعتنى المشرع المغربي بهذه الفئة من المجتمع ونص على قوانين تنظيمية لها حيث صدر أول منشور تحت رقم: 2 مكرر بتاريخ 08-05-1982، تحدد بموجبه الإجراءات الأولية للتكفل بالطفل المتخلى عنه، وأصدرت دوريات وزارية[4] أخرى ساهمت إلى حد ما في حل بعض المشاكل الناتجة عن عدم وجود مسطرة قانونية لكفالة الطفل المهمل، إلى أن صدر الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم: 165- 93 – 1 الصادر بتاريخ 10-09-1993 المتعلق بالأطفال المهملين، والذي عدل بالظهير الشريف رقم: 172- 02- 1 الصادر بتاريخ 13 يونيو 2002 بتنفيذ القانون رقم: 01-15 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين.
ويحق لنا أن نتساءل عن دور المجتمع اتجاه هؤلاء الأطفال؟ وماهي الرعاية المناسبة التي يجب أن يحظى بها الطفل المهمل حتى يكون فردا صالحا وفاعلا في مجتمعه؟ وهي دعوى للقراء الكرام للإسهام في هذا الموضوع والإدلاء بآرائهم فيه، من خلال هذا المنبر العلمي المتميز.
————————-
1. لا توجد أرقام تدل على هذه الظاهرة على المستوى الوطني، فأجهزة الإحصاء تتحاشى هذه الخانة نظرا لما لها من حساسية على المستوى الاجتماعي، ولكن هناك بعض الإحصائيات شبه الرسمية التي تدل على ارتفاع مستمر في حجم الظاهرة. انظر بحث بعنوان: “كفالة الأطفال المهملين” لعبد القادر قرموش ص 6، طبعة دار السلام، سنة 2008.
2. رواه الإمام البخاري في صحيحه كتاب: الأدب، باب: فضل من يعول يتيما، حديث: 6005.
3. رواه الطبراني في المعجم الكبير.
4. انظر، كفالة الأطفال المهملين: لعبد القادر قرموش ص 8.
-
أشكرك أستاذة نوال من هذا المنبر..
ولدي سؤال يتعلق بفتاة أعرفها وتأثرت بحكايتها التي سأختزلها في كونها تخلت منذ خمسة عشر عاما ولظروف قاسية عن طفلها أمام أحد المنازل، وكادت تفقد عقلها نتيجة لذلك، وهي تبحث عنه الآن منذ ثلاث سنوات… لأنها لم تستطع نسيانه وخاصة أن أباه موجود مقنعة نفسها أنها لا تستحقه، ولكن له الحق في معرفة والديه، والانتساب إليهما، ومؤخرا توصلت بمعلومات تفيد أن ابنها موجود بلقباب..
ولا تعرف ما العمل خاصة، وأن هناك احتمال بخطأ المعلومة..
فما العمل إذن؟ وماذا يخول لها القانون..
ولكم جزيل الشكر -
شكرا لك يا أستاذة نوال على تعليقك النير
ولي لك سؤال وللقارئ الكريم
إني أحب وأريد أن أتكفل بطفلة في بداية عمرها يعني الشهور الأولى من عمرها أو السنة الأولى من عمرها، هل لي أن أعرف عناوين للإدارات أو الجمعيات المكلفة بهذه المهمة؟؟؟
كوني أعيش خارج المغرب هل استطيع وفي وقت وجيز ونظرا لظروفي وضيق وقتي هل الإجراءات تستغرق وقتا طويلا؟؟؟؟؟
وشكرا لكل من يساعدني ويفيدني بمعلومات
تحياتي -
نشكركم على هذا الموضوع شككككراااااا
-
بسم الله الرحمن الرحيم .
شكرا لك أستاذة نوال، صحيح أن الاهتمام بمرحلة الطفولة تعتبر من أهم المراحل في حياة الإنسان؛ لأنها مرحلة تأسيس كما تفضلت بالقول، وهي مرحلة لتثبيت القيم والمبادئ في شخصية الطفل، لذا فقد أوصى الإسلام بالاهتمام بالأطفال عامة واليتامى منهم خاصة ورتب على ذلك الجزاء العظيم لمن يكفل أو يربي طفلا يتيما أو متخلى عنه، وحرص على تنشئتهم داخل أسر، وتاريخنا الإسلامي يشهد على الرعاية التي كان يحظى بها هؤلاء الأطفال من قبل المجتمع، ولم يكن المجتمع المغربي بمنأى عن ذلك، بل كنا نجد أسر تسعى إلى التكفل باليتامى أو تساهم في رعايتهم، إيمانا منهم بالمسؤولية الاجتماعية والدينية اتجاه هؤلاء الفئة من المجتمع، ولذا فنحن من هذا المنبر ندعو إلى إحياء هذه القيمة العظيمة التي عرفتها مجتمعاتنا، تحقيقا للرعاية الاجتماعية لهؤلاء الأطفال .
-
فقد كرم الله تعالى الإنسان فخلقه في أحسن تقويم، وشرع له من الآداب والأحكام ما يكفل له حياة كريمة يستطيع فيها القيام بما خلق من أجله وهو عبادة ربه سبحانه وتعالى.
وقد شمل اهتمام الإسلام بالإنسان جميع مراحل عمره فأوصى به طفلاً صغيراً وشاباً فتياً، وشيخاً فانياً، بل وامتد ذلك إلى الإنسان وهو جنين في بطن أمه بل وقبل أن يخلق أصلاً، وقد كانت الطفولة من أكثر هذه المراحل اهتماماً؛ لأنها تأسيس للإنسان روحياً وجسدياً.
التعليقات