الخطاب الشرعي والقواعد النسقية للتأويل.. (7)
1. قواعد الترجيح بين الأخبار:
الترجيح في الأخبار يستند إجمالا إلى معيارين: معيار الإسناد ومعيـار المتن[1].
أ. المعيار الإسنادي، وتندرج تحته وجوه منها:
أن يكون أحد الخبرين مرويا في قصة على سبيل الشهرة والتداول عند أهل النقل بخلاف معارضه[2].
اتصاف راوي أحد الخبرين بزيادة في الضبط والحفظ وراوي معارضه بخلاف ذلك[3].
كون أحد الخبرين أكثر رواة من الخبر المعارض[4].
غير أن من العلماء[5] من ادعى امتناع الترجيح بكثرة الرواة، وهذه الدعوى مردودة “لأن الاثنين أضبط وأثقف وأبعد من الخطأ من الواحد، فيغلب على الظن صدقهما،[6] ولذلك قال تعالى: “أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الاُخرى” [البقرة، 281].
كون إحدى الروايتين منقولة بطريق السماع والأخرى منقولة بطريق الكتابة فيقدم السماع، “لأن السامع أبعد من الغلط، والمكتوب إليه أقرب من الغلط والتصحيف“[7].
كون أحد الخبرين منسوبا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم نصا أو فعلا بينما يكون الآخر منسوبا إليه صلى الله عليه وسلم بضرب من الاستدلال، والمصير إلى الأول أولى وأرجح[8].
كون راوي أحد الخبرين قد اتفق الرواة عليه حيث لا يروون عنه إلا الإثبات أو النفي، بينما يختلف رواة الخبر الآخر على الراوي، حيث منهم من يروي عنه الإثبات ومنهم من يروي عنه النفي، فكان المتفق عليه أولى من المختلف فيه، “لأنه أبعد من الاضطراب“[9].
كون راوي أحد الخبرين هو صاحب القصة على سبيل المباشرة والملابسة، فترجح روايته على غير المباشر، “لأن المباشر أقعد بما باشر وأعرف وأثبت“[10].
كون أحد الخبرين معضدا بموافقة عمل أهل المدينة والآخر مخالف له، فكان الأول أولى؛ لأنه العمل المتصل بالمدينة[11].
يتبع في العدد المقبل…
———————–
1. انظر المنهاج، ص: 221، وإحكام الفصول، ص: 647، ومفتاح الوصول، ص: 621.
2. المنهاج، ص: 221.
3. نفسه، ص: 222.
4. نفسه، ص: 223 ومفتاح الوصول، ص: 628 والمحصول في أصول الفقه لابن العربي، ص: 149. ط 1/1999، دار البيارق.
5. كما هو الشأن بالنسبة لجمهور الأحناف، انظر أصول السرخسي، 2/24. تحقيق أبو الوفا الأفغاني، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ.
6. إحكام الفصول، الباجي، ص: 652.
7. المنهاج، ص: 224، ونشر البنود، 2/288.
8. المنهاج، ص: 226.
9. المنهاج، ص: 226.
10. مفتاح الوصول، ص: 624. ونشر البنود، 2/289.
11. المنهاج، ص: 226.
أرسل تعليق