الحركة العلمية في عصر السعديين.. (15)
[الهبطي]
هو أبو محمد عبد الله بن محمد الهبطي الطَّنجي، العالم العامل الناصح المُخلص (..) كان رضي الله عنه آية من آيات الله تعالى في أرضه وعباده، قائما على قدم الجد في الزهد واتباع السنة، والانزواء عن الدنيا وتعليم العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لا يترك أحدا من أهله وبنيه وأصحابه يخرج عن التقشُّف وينقطع في الدنيا، ولم ير أحدٌ من الرجال والنساء بزاويته إلا أن يكون تاليا لكتاب الله أو ذاكراً لأسمائه ومتعلِّما لمعرفته إلى أن لقي الله تعالى على ذلك (..) وكتبت من خط الشيخ أبي الحسن الأغزاوي المعروف بالحاج.. قال أبو زيد عبد الرحمان بن شُريح “أن الله تبارك وتعالى يبعَتُ لهذه الأمة عند رأس كل مائة مَن يُجدِّدُ لها دينها الحديث، ولا يبعد أن يكون منهم الشيخ سيدي أبو محمد الهبطي” رضي الله عنه..” قال: “وقد قال هذا القول كثير من الأعلام، وكان الشيخ أبو القاسم بن علي بن خجُّو” يقول “هو غزَّاليُّ هذا الزمان. ولقد من الله به علينا وعلى المسلمين..” وناهيك بها شهادة من مثل ابن خجُّو ثم قال: “وكان أحرص الناس على تعاليم الله، ويأمر من يلقى بتعليم الأهل والأولاد والعبيد والخدَّام والإماء عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: “لأن يهدي الله على يديك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم“، وكان كثيرا ما يحُضُّ على فهم مدلول الشهادة.. وألَّف في علم الهيللة أجزاءً كثيرة.. وأكثرها فائدة كتاب “الإشادة بمعرفة مدلول كلمة الشهادة” وكانت سيرته الذكر والذِّكرى وبدل النصيحة لكافة الورى.
وله أيضا ألفية عامرة الأبيات بالنصح والإرشاد وذمّْ البدع الشائعة في الوقت وما عليه متصوفة الزمان من المنكرات والمحظورات، ونظم في العدة معروف وغير ذلك وتوفي عام 963هـ.
يتبع في العدد المقبل..
عن كتاب النبوغ المغربي في الأدب العربي تأليف العلامة عبد الله كنون الجزء الأول، ص: 251-252، دار الثقافة.
أرسل تعليق