التنمية الاقتصادية من منظور إسلامي.. (16)
إن النظام الاقتصادي الإسلامي يحقق للبشرية ولا شك كل ما تصبو إليه من تقدم وازدهار، وإذ ندعو إلى دراسة هذا الاقتصاد الإسلامي لما جاء فيه من حلول ناجعة بصفته نظاما إلهيا اختاره الله تعالى للبشر ليسيروا على سننه في حياتهم، ولأن الأسس التي يقوم عليها تعتمد على ما يأتي:
أولا: الإنسان بوجه عام مستخلف من الله تعالى في هذه الأرض لعمارتها واستثمار خيراتها سلطه الله عليها فأعطاه القدرة على تسخيرها وتسخير سائر الكون لمنافعه بما وهبه من الحواس والعقل وسائر الصفات الجسمية والعقلية التي تجعله أهلا لذلك على تفاوت أفراد البشر. وفي القرآن الكريم: قوله تعالى: “وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الاَرْضِ خَلِيفَةً” [البقرة، 30].
ثانيا: الأرض خاصة والكون وما فيه عامة مسخر للإنسان ومذلل له ليتمكن من تحقيق هذا الاستخلاف ويعبر القرآن عن ذلك بقوله: “وسخر لكم ما في السموات وما في الاَرض جميعا” [الجاثية، 13].
ثالثا: تسخير الأرض والكون للإنسان، واستخلاف الله له في الأرض يقتضيان انتفاع الإنسان بما خلق الله في الكون واستثماره، ولما في الأرض من خيرات وثمرات ولذلك أطلق القرآن على هذه المنافع لفظ الطيبات فقال: “ورزقكم من الطيبات” [الاَنفال، 26].
وبذلك يكون السعي في طلب الرزق استثمار لما خلق الله في الكون والانتفاع به أمرا مرغوبا فيه لأنه امتثال لأمر الله واستفادة من نعمه.
رابعا: يتحمل كل إنسان نتيجة عمله ونشاطه وهو المسؤول عنه مسؤولية ضرورية أمام الله تعالى.
هذا وللنشاط الاقتصادي في كل نظام ومذهب غايات هدفه رفاهية الإنسان وتمتعه بأكثر ما يمكن من متع الحياة، وهدفه عند الآخرين تقوية أمتهم وإعلاء قوميتهم ليكون لها الغلبة على غيرها فما هي أهدافه في التشريع الإسلامي.
إن استعراض نصوص القرآن الكريم والسنة الشريفة يوصلنا إلى استنتاج الأهداف التالية:
1. الاستغناء عن الغير أو كف الإنسان نفسه وعياله عن الاحتياج إلى غيره “فاليد العليا خير من اليد السفلى“.
2. نفع عباد الله وهو هدف إنساني نبيل ويلاحظ هذا الهدف في أحاديث نبوية عديدة.
3. التمتع بما أباح الله تعالى التمتع به من الطيبات واللائذ المشروعة يقول السيد عبد الهادي علي النجار في كتابه “الإسلام والاقتصاد” أليس المخطط الأعظم هو الله تعالى.
ويجيب بقوله كذاك فعلينا إذن أن نهتدي بهديه لنجاتنا في الدنيا والآخرة.
عن كتاب “البيعة والخلافة في الإسلام” للأستاذ العلامة المرحوم الحاج أحمد بن شقرون، ص: 44-46 سلسلة البدائع الكتاب العاشر الطبعة، (1417هـ / 1996م).
أرسل تعليق