التنظيم الاقتصادي وضبط المعاملات العقارية بقبيلة آيت خباش
اهتم ازرف عند آيت عطا بمجموعة من القضايا الاقتصادية يمكن إيجاز أهمها فيما يلي:
أ. تقسيم الأراضي الزراعية على الأخماس
كان آيت عطا يقسمون أراضيهم فيما بينهم بالتساوي اعتمادا على القرعة “إيلان”. فبعد تقسيم الحصص إلى خمسة يأخذ الخمس الأول المكون من آيت أونير وآيت ولال حصة كاملة، ثم توزع “4/5” الباقية إلى خمس حصص يأخذ منها آيت إسفول وآيت علوان الخمس وتحول “4/5” الباقية إلى خمس حصص جديدة يأخذ منها آيت أونبكي الخمسين وتمنح “3/5” الباقية لآيت وحليم وآيت إعزى على شكل 3 و2 لكل منهم. وهكذا تعطي العملية الحسابية ما مجموعه 625 حصة وزعت كما يلي:
• 125 لآيت أونير وآيت ولال؛
• 100 لآيت إسفول وآيت علوان؛
• 160 لآيت أونبكي؛
• 144 لآيت وحليم؛
• 96 لآيت إعزى؛
وتتم في نفس الوقت أو لاحقا عملية توزيع كل حصة على العشائر المكونة لكل خمس، ثم على العائلات داخل كل عشيرة. وهناك ثلاثة أنواع أخرى للملكية: الأول مشاع لا يقبل البيع ولا القسمة ويسمى “أكدال نتقبيلت” ويستغل خاصة كمراعي جماعية. الثاني يسمى “حرمال” وهو عبارة عن ملكية خاصة بالفرد أو العائلة ولكنها نادرة وتأتي عن طريق الوراثة أو شراء من قبائل أخرى تتمتع بحق الملكية الخاصة. النوع الثالث يدعى “تكورت” وهو عبارة عن حصة من الأرض الصالحة للزراعة ذات مساحة متشابهة (حوالي 1 آر). وتستفيد كل تكورت بحقها من مياه السقي التي يتم توزيعها بنظام بين المالكين )ليل/ نهار( وحسب أيام الأسبوع والساعة. ويشرف على مراقبة السير العادي لتوزيع المياه شيخ الساقية “أمغار نتركا” أو شيخ الماء “أمغار نوامان”.
• العقود العقارية: وهي أصناف وتتم وفق شروط وهي الكتابة من طرف فقيه أو عدل مع حضور الشهود وأن يكون العقد أصليا وقديما ومقبولا لدى الجماعة:
• البيع: ويتم إما بالشرط أو بالوفاء النهائي وكلاهما يخضعان لحق الشفعة لأحد أقرباء البائع؛
• الرهن: وهو بيع أرض أو متاع مقابل مبلغ مالي كضمانة ولأجل محدود لا يتجاوز 10 سنوات وتحت شرط الكتابة وحق الشفعة للأقرباء؛
• المقايضة “أبدال”: وهي عملية يتم خلالها تبادل الأموال القارة كالدور والأراضي وخاصة عندما يتعلق الأمر بتسوية حصص الإرث بين ذوي الحقوق؛
• القسمة: تتم بين الأب وأولاده أو بين الإخوة بحضور مجلس العائلة “آيت العشرة” أو “آيت العشرين” أي أمام 10 أو 20 من أقرب الأقرباء مع ضمان حقوق الغائب وللذكر حظ الأنثيين كما هو منصوص عليه في الشريعة الإسلامية.
وحسب الوثائق الأمازيغية[1] تشتمل تعقدين آيت خباش على ستين بندا قابلة للتغيير أو للإضافة حسب المستجدات كما يؤكد ذلك البند 50: “إذا رأى الشيخ ومساعدوه ضرورة تعديل بعض الأحكام أو إضافة أخرى جديدة بإمكانهم القيام بذلك”، على أساس أن “يحضر عن كل عظم نائبان اثنان قصد تدارس المسألة مع الشيخ والاتفاق على التعديل أو الزيادة”. وورد في البند 51: “أن الكثير من الأحكام ترتبط بالمزارع وتهدف إلى تنظيم الري وضبط الحدود بين الحقول والملكيات، كما تحارب السرقة وإتلاف المحاصيل”.
ولإقرار الأمن يتم التناوب بين الأسر والأفخاذ على الحراسة ليلا ونهارا، كما ورد في البند 5، أما من تخلى من الحراس عن مركزه نهارا فيؤدي غرامة مالية محددة تتضاعف إذا تعلق الأمر بالليل ونفس الشيء بالنسبة لكل أسرة تخلت عن واجبها في الحراسة. أما بخصوص المنازعات بين السكان؛ فإنه يحكم على كل من تشاجرا بغرامة مالية يتم مضاعفتها مرة واحدة إذا تبادلا الضرب ومرتين أو ثلاث في حالة الجرح، كما يتضح من البندين 24 و25. وتهدف بقية البنود إلى سيادة الاحترام المتبادل بين الصغار والكبار وبين الرجال والنساء؛ إضافة إلى الأحكام المتفق عليها في حق مختلف أنواع الجنح كالسرقة والفساد. كما يطمح بعضها الأخر إلى تعميم النظافة بالقصر والغابة على السواء، وتحول دون إقلاق راحة السكان عامة والجيران على وجه التحديد.
ب. خلق التوازن والعدالة بين المكونات القبلية
من مميزات التنظيم القبلي عند آيت خباش أنه يحول دون طغيان الغني على الفقير أو القوي على الضعيف، فالسكان سواسية أمام القانون “ازرف” الذي لا يميز بين الشيخ العام “أمغار” والفرد العادي “باب نومور”. وإذا كانت المحكمة المحلية لآيت خباش “تعقت” بقصر الطاوس لا تضم إلا ستين حكما؛ فإن القضايا المستعصية يتم طرحها على محكمة الاستئناف بإغرم أمزدار والتي يعتبرها أحد الباحثين بمثابة جمعية الأمم المتحدة لآيت عطا[2].
وتستمد ميزانية قبيلة آيت خباش مواردها في الغالب من الغرامات “إزماز” التي يؤديها المحكوم عليهم، والتي يتم صرفها في إقامة مشاريع عمومية خدمة للمصلحة العامة، كما يدفع أحيانا قسطا منها للمظلومين.
وفي حالة الحرب يفرض على كل من يستطيع حمل السلاح الدفاع عن القبيلة خاصة إذا تعلق الأمر بالهجوم على الغير؛ بينما يستنفر الشيخ حتى النساء لرد الغارات والأطماع المعادية. وتدخل الغنائم في خزينة الجماعة بحيث يتصرف فيها الشيخ تحت مراقبة شيوخ العظام.
وتتجلى أسمى معاني العدالة عند آيت خباش خاصة وعند آيت عطا عامة في المحكمة العليا للاستئناف بإغرم أمزدار وفيها تدرج القضايا التي لم يتوصل إلى حل لها في المحاكم الجماعية المحلية. وهي تعتمد على قانون الأغلبية وعلى مبدأ المساواة بين كل مكونات الاتحاد العطاوي. يشرف عليها حفظة القوانين العرفية “آيت الحق” وأحيانا “آيت ازرف” وهم “تعقدين نيت عيسى” الذين يقطنون إغرم أمزدار والمتفقهون في القانون العرفي. يحضر منهم في كل نازلة ستة أشخاص بمعدل عضوين لكل عشيرة من العشائر الثلاثة المكونة لآيت عيسى. يختارهم رئيس العشيرة “أمغار نتمازيرت” أو الفصائل العشائرية “إغسان” ويلعبون دور الحكماء “إنحكامن” في البث في المنازعات القضائية المستعصية على المحاكم المحلية.
أما الإجراءات المسطرية فهي جد مضبوطة بحيث يتمتع كل عضو بصوت واحد، فإذا تساوت الأصوات ثلاثة مقابل ثلاثة، يُستدعى ستة إنحكامن جدد وإذا تعادلت الأصوات مجددا، يتم تعيين ستة حكماء آخرين، وإذا لم تصل المحكمة إلى نتيجة، يتم الاعتماد على الحكماء الثمانية عشر أجمعين وفي حالة تساوت الأصوات تسعة مقابل تسعة، فللرئيس الحق في الإدلاء بصوته لصالح أحد الأطراف المتنازعة، وبذلك يُقرر المسألة والحكم عليها نهائيا ولا يقبل بعدها الاستئناف. كما أن الرئيس يلعب دور المراقبة والحكم في حالة إذا ما انتابه شك في ميول إنحكامن لأحد طرفي القضية المعروضة، فيقوم بمساءلة الحكماء ثلاث مرات: هل أنتم موافقون ومتيقنون وإذا لم يثبت أي خلاف تكون النازلة قد فصل فيها وتراضى الجميع على ذلك.
يتبع..
————————————————-
1. Nehlil: «Azerf du ksar de Taouz», Les Archives Berbères Rabat, édition Diffusion Alkalam 1985 (p 96).
2. NEHLIL: Op.cit. (p 86)
-
المرجو من الأستاذ توضيح عن الأراضي الموجودة بأرفود خاصة التي تسمى بكدية دراوة على طريق أرفود-مرزوكة التي كثر الحديث عليها مؤخرا بعض المعلومات والتاريخ.
-
السلام عليكم
أستاذ معك حق في قولك أن التنظيم محكم عند هذه القبائل، فهذا إرث سنين من التجارب، وهم قوم يعقلون
التعليقات