التخليق بالأسوة رصد لآليات التخليق بالأنموذج وإجراءاتها – مقاربة مقارنة.. (9)
لقد حاولت البشرية في مختلف مواقعها عبر تاريخها الممتد أن تحل إشكال الوحدة القياسية على الصعيد الاجتماعي من خلال إنتاج “يوطبيات” حول طبيعة ومكونات المجتمع الفاضل والمدينة الفاضلة، وعلى الصعيد التربوي من خلال إنتاج مفهوم البطل.
أنموذجا على المحاولات في الجانب الاجتماعي، جهود أفلاطون في “المدينة الفاضلة” وجهود القدّيس أغوسطين في “مدينة الإله” وجهود الفارابي في “المدينة الفاضلة” أيضا. وكذا جهود كارل ماركس وبعده لنين وكذا تصورات كل من ستالين وهيتلر وموسوليني للمجتمع الفاضل؛ وهي يوطبيات جرّت لعدم مواءمتها لطبيعة الإنسان والكون على العالمين وبالاً غير قليل.
وأنموذجا على المحاولات في الجانب الفردي ما يوجد في الأعراف المصرية والإغريقية والهندية والصينية وفي حضارات بلاد الرافدَين وكذا في الحضارة الرومانية من إقامة النُّصب والتماثيل لأشخاص مختارين يرفعون إلى مصاف الأبطال ليكونوا مثلا تربوية يعاد إنتاجها، غير أن ضعف المؤهلات الإدراكية والآليات التفكّيكة لم يكن يمكن من الرسم العلمي والوظيفي لمعالم شخصياتهم وسمات نفسياتهم ومراحل مساراتهم، مما كان يؤدي في كثير من الحالات إلى الانحسار في التقديس.
ويمكن رصد الظاهرة نفسها في كتب “البانتاتوك” والأبوكريف اليهودية التي تبنّت بعضها النصرانية. وقد استمر هذا الخط في الحضارة الغربية المعاصرة إذ يلحظ استمرار البحث عن الأبطال لإرسائهم نماذج تحتذى وصب سمات شخصياتهم الأساسية في المناهج التربوية. غير أن هذا النهج كذلك لم يحقق لغياب الاستبصار بحقيقة الإنسان السوي ودوره الكوني إلا نتائج جزئية..
والله المستعان
أرسل تعليق