يعد البابونج من أشهر النباتات الطبية الأكثر استعمالا في العالم؛ إذ يلتجئ إليه في حالة التهابات الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي، والتهاب الفم واضطرابات الأمعاء المصاحبة للتشنج.. ويعرف باسم “Matricaria chamomilla” وهو النوع البري، ويوجد إلى جانبه نوعا آخر يسمى “Anthemis nobelis” وكلاهما يحتوي على مواد فعالة..

والبابونج عبارة عن عشب حولي يبلغ ارتفاعه ما بين 20 و60 سم، تتفرع الساق إلى عدة فروع، أوراقه طويلة مجنحة متناوبة ومجزأة إلى أقسام صغيرة، يزهر العشب بعد ست إلى ثمانية أسابيع من إنباته أزهارا ذات لون أبيض ورأس محدب أصفر.

يستخرج من أزهار البابونج زيت طيار أزرق يحتوي على مواد بيوكيميائية فعالة مثل كمازولين   “Chamaxulene” و الفابايسابولول،  “alpha bisabolol” وفلافونيدات، والكومارين، ومواد أخرى..

للبابونج تاريخ عريق في الحضارة العربية فقد ذكر إبن البيطار في كتابه الجامع في الأدوية والأغذية من الأعشاب والنباتات أن” البابونج ينفع من الإعياء أكثر من كل دواء، ويسكن الوجع، ويرخي الأعضاء المتمددة ويلين الأشياء الصلبة إذا لم تكن صلابتها كثيرة ويخلخل الأشياء الكثيفة، ويذهب الحميات التي تكون من ورم الأحشاء، يسقى طبيخه للنفخ والقولون، ويصلح أنزيمات الكبد، مدر للبول نافع للصداع البارد” كما لم يغفل ابن سينا في كتابه القانون في الطب ذكر فوائد هذا العشب الطبي فيقول رحمه الله “البابونج يسكن الأورام الحارة بتحليله، ويلين الصلابات التي ليست بشديدة، يقوي الأعصاب، يدر البول ويخرج الحصى” أما داود الأنطاكي فقد قال في تذكرته “لا شيء مثله في تفتيح السداد وإزالة الصداع والحميات والنافض، يقوي الباءة والكبد، ويفتت الحصى مطلقان يدر الفضلات، وينفي الصدر من نمو الربو ويقلع البثور ويذهب الإعياء والتعب والصلابات والنزلات، وفساد الأرحام، وينفع من السموم، دخانه يطرد الهوام، وهو يفتح الصمم ويزيل الشقوق ووجع الظهر وعرق النسا والمفاصل والنقرس” .

تستعمل زهور البابونج في الطب الشعبي المغربي لعلاج الأوجاع، وآلام الرأس على الخصوص (الشقيقة)، وعلاج أوجاع البطن وعسر الهضم كما يستعمل كمضاد للالتهابات وفي حالة اضطراب دم الحيض وكذا في علاج الجروح.

أثبتت الدراسات العلمية الحديثة أن البابونج يحتوي على مواد تتميز بمفعول مضاد للالتهاب لذلك فهو يفيد جدا في علاج التهابات الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي؛ فالبابونج يمكن استعماله في حالة المغص والتهاب الفم واضطرابات الأمعاء المصاحبة للتشنج كما يفيد في طرد الغازات وينشط إفرازات الصفراء كما يمتاز بكونه فاتح للشهية. من جهة أخرى أثبتت الدراسات فائدة البابونج في علاج التهاب القصبة الهوائية والسعال والربو والتهاب الشعبي المزمن والحمى والحساسية، من ناحية أخرى أظهرت بعض الأبحاث التي أجريت مؤخرا توفر البابونج على مواد مضادة للبكتيريا والفيروسات..

كما ثبت أيضا فائدة هذا النبات الطبي للتخفيف من حدة القلق واضطرابات النوم، وإلى جانب هذه الخصائص العلاجية أظهرت الأبحاث العلمية أن البابونج يفيد كمضاد للأكسدة لذلك فهو يساهم بشكل فعال في الوقاية من الإصابة بالسرطان خاصة سرطان الجلد، من جهة أخرى يقول العلماء أن النبات يحتوي على مواد قد تساهم في الوقاية من هشاشة العظام. نستخلص من هذه الخصائص الطبية المتنوعة والمؤكدة علميا، مدى الأهمية الكبيرة التي كان ولازال يحظى بها هذا العشب على صعيد كل من الطب الشعبي والحديث.