الأسوة آلية فعالة من آليات التخليق.. (8)
الوصل بين التكليفي والتزكوي مدخل من مداخل التخليق
يظهر لفظ التزكية في مواضع كثيرة في القرآن الكريم، ولكن هذا اللفظ يرد في أربعة آيات بوصف التزكية مقصداً مباشراً من مقاصد الوحي وبعض الأنبياء، ولاسيما في حالة خاتم الأنبياء محمد صلّى الله عليه وسلّم. وهذه الآيات هي بالتحديد:
1. “رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ” [البقرة، 127-128].
2. “كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ ءَايَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ” [البقرة، 150].
3. “لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُومِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ اَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءَايَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ” [آل عمران، 164].
4. “هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الاُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءَايَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ” [الجمعة، 2].
ففي الآية الأولى دعاء إبراهيم عليه السلام إلى ربه سبحانه: أن يجعل من ذريته “أمة مسلمة” وأن يبعث في هذه الأمة “رسولاً منهم” ليحقق لهم أربعة مقاصد، هي:
- يتلو عليهم آيات الله؛
- ويعلمهم الكتاب؛
- ويعلمهم الحكمة؛
- ويزكيهم..
وفي الآيات الثلاث الأخرى بيان فضل الله وتفضله بالاستجابة إلى دعاء نبي الله إبراهيم بمجيء الأمة المسلمة وبعث نبيّها محمداً صلّى الله عليه وسلّم.
وترسم هذه الآيات الأربع منهاجاً في تربية الأمة يتكون من أربعة أركان، تتكامل فيما بينها، وتتضافر مكوناتها في بناء الأمة وفي رسم صورتها وتحديد خصائصها:
1. تلاوة الآيات؛ أي إزالة الأمية، والارتفاع إلى مستوى التكريم الإلهي بتلاوة آياته والانتفاع بما فيها،
2. التزكية وتشمل خصائص الطهر والبركة؛
3. تعليم الكتاب؛ أي تعليم ما فيه من علم وهدى؛
4. تعليم الحكمة، أي تعليم مادة الكتاب وثمرة تعليمه وهي الإصابة في القول والفعل والعمل واكتساب ملكة البصر بالأمور ووضعها في نصابها ووزنها بموازينها وإدراك أسبابها وغايتها..
يتبع في العدد المقبل..
أرسل تعليق