الأخلاق منبعها العقيدة ومحورها التقوى..
الأخلاق جمع خلُق بضم اللام وسكونها وهو الدين والطبع والسجية. يقول الإمام الغزالي بأن الخلق هو هيئة في النفس راسخة تصدر الأفعال عنها بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية.
وفي مجتمعات الدنيا توجد الأخلاق، لكن بعض هذه الأخلاق قد تكون في حاجة إلى تقويم أو تغيير، وهذا ما قام به الإسلام عندما نجح في تحويل خلق الجاهلية إلى خلق الإسلام، فالأخلاق الإسلامية منبعها في العقيدة، ومحورها التقوى وتتميز بخصائص تفوقت بها على المذاهب الأخلاقية الوضعية.
إن الخلق الإسلامي يرفض مبدأ المصانعة والتكليف؛ وأن يعطي الإنسان من طرف اللسان حلاوة، ومن صحة الوجه بشاشة على حين يميل الفؤاد مقتا وخبثا وكيدا؛ ولأن الأخلاق في الإسلام حديث صادق عن يقين صادق، كانت آية من آيات شجاعة المؤمن في الحق وسمة من سماته في العزة والإباء، وهي أيضا تنبع من صميم الدين، وتتسم بالثبات والدوام والاستمرار، وعلى النقيض من ذلك نجد الأخلاق في المذاهب الوضعية فيها ما فيها من الاضطراب والتقلب؛ لأنها تمثل نفسية واضعيها وهم بشر لا يستطيعون أن يضعوا دستورا أخلاقيا لا تبدله الأحوال ولا يتأثر بالأهواء.
ومن الأخلاق حسن المعاملة ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة واعتبار. جاءته يوما امرأة ببردة منسوجة فقالت: نسجتها بيدي لأكسوكها، فأخذها صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها ولبسها، فقال له رجل من الصحابة: أكسنيها يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: نعم فدخل منزله فطواها وبعث بها إليه، فقال له بعض الصحابة: ما أحسنت، لبسها رسول الله محتاجا إليهاّ، تم سألته وعلمت أنه لا يرد سائلا، فقال: إني والله ما سألته لألبسها، إنما سألته لتكون كفني. قال سهل بن سعد رضي الله عنه: فكانت كفنه، وكان عليه الصلاة والسلام يجيب دعوة المسكين، ويعود المرضى، يقبل عذر المعتذر، ويأمر بالحسنة ولا يجري بالسيئة مثلها، ولكن يعفو ويصفح ويتسامح، ويصل الرحم ويقري الضيف، ويدعو أصحابه بكناهم وأحب الأسماء إليهم، وعندما سئل: يا رسول الله، ما أفضل ما أعطي المرء المسلم؟ قال الخلق الحسن.
جريدة ميثاق الرابطة، العدد 771، الخميس 10 ذي القعدة، 1417هـ الموافق 20 مارس 1997م، السنة التاسعة والعشرون.
أرسل تعليق