الأخلاق قوام المجتمع
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ” إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق ” [1] ، فقد كان المجتمع العربي قبل بعثة النبي – صلى الله عليه وسلم – على جانب من الأخلاق الفاضلة والقيم الحسنة، بما بقي عندهم من شريعة إبراهيم – عليه السلام-، لكن شابها اعوجاج ونقص، فبعث – صلى الله عليه وسلم – لإتمام نقصها وتقويم اعوجاجها.
فقد حث – عليه الصلاة و السلام – على التمسك بالأخلاق الحسنة ودعا إلى الالتزام بها، فعن أبي الدرداء قال سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول : “ما من شيء يوضع في الميزان أثقلُ من حسن الخلقِ وإن صاحبَ حسن الخلق ليبلُغُ به درجة صاحب الصوم والصلاةِ ” [2] وروى الإمام البخاري في صحيحه عن مسروق قال: كنا جلوسا مع عبد الله بن عمرو يحدثنا، إذ قال: لم يكن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فاحشا ولا متفحشا، وإنه كان يقول: “إن خيارَكم أحاسنُكم أخلاقا“[3]
إن رسالة الإسلام هي رسالة قيم وأخلاق، حيث ركزت على بناء هذا الجانب وتنميته عند الفرد ومن ثم المجتمع، وذلك لبناء حضارة إيمانية متميزة.
ومن خصائص التربية الأخلاقية في الإسلام أنها:
• ربانية المصدر: فهي ليست رأيا بشريا ولا نظاما وضعيا، وإنما مستمدة من شرع رب العالمين.
• عبادية القصد: مهما تخلق الإنسان بالأخلاق الإسلامية، فإنها ستبقى صورة بلا روح طالما لم يرد بها صاحبها وجه الله تعالى ورضاه.
• مثالية وواقعية: الأخلاق الإسلامية تدعوا الناس إلى السمو وتراعي نفسية البشر واحتياجاته وقدراته على الارتقاء.
• شمولية متكاملة: حيث تشمل جميع جوانب حياة الإنسان، مع ربه ومع الناس، في بيته وفي عمله وفي خلوته في البيع والشراء، في السلم والحرب، في الظاهر والباطن.
• ثابتة: الأخلاق الإسلامية تكون أصلية في نفس صاحبها بحيث يصدر منه الخلق نفسه كلما تكرر الموقف نفسه الذي يقتضي ذلك الخلق، ومصدر ثبات هذه الأخلاق أنها تعبدية.
• متوازنة: لا تغلب جانبا على جانب، فكلها مطلوبة، كما تدعوا للعزة تدعو للتواضع، فيها الشجاعة من غير تهور ولين من غير ضعف[4] .
إن الأخلاق هي قوام المجتمع وأساسه، وهي المعيار الضابط لصلاح مجتمع ما أو فساده، فالاهتمام بنشر وإحياء مكارم الأخلاق في مجتمعاتنا، واجب ديني وحضاري، وسبيل قويم لتقدمها ورقيها وتنميتها.
———-
1. صححه الألباني في الصحيح الجامع حديث: 23490.
2. جامع الإمام الترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في حسن الخلق، حديث: 2003.
3.صحيح الإمام البخاري، كتاب الأدب، باب حسن الخلق والسخاء، وما يكره من البخل حديث 6035.
4. أنظر : الفلسفة الأخلاقية في الفكر الإسلامي : لأحمد محمود صبحي ، بتصرف .
أرسل تعليق