ابن القطان – المشيخة.. (65)
الشريف ابن الصيقل
محمد بن عبد الله بن طاهر الحسيني (تـ 609هـ)
[القسم الثالث]
كنت قد تكلمت في القسم الأول عن مصادر ترجمة الشريف ابن الصيقل، وفي الثاني استوفيت الكلام على اسمه ونسبه ولقبه، ومشيخته، وهذا أوان الكلام على ثالث أجزاء ترجمته، وهو: المتعلق بالآخذين عنه، وبوظائفه.
الآخذون عنه
اعتنى الناس بالأخذ عن ابن الصيقل، وأدخله جملة من العلماء في معاجم شيوخهم، ومن كبار هؤلاء: ابن القطان، والشاري، والكلاعي.
1) فأما أبو الحسن ابن القطان: علي بن محمد بن عبد الملك الكتامي القرطبي(628) فقال ابن الزبير: “ذكره الحافظ أبو الحسن ابن القطان في فهرسته، وذكر بعض ما قرأه عليه تفقها“[1].
وهذا الكلام دال على طول الملازمة، لأن قراءة الكتب على الشيخ تفقها ليست كقراءتها عليه عرضا، لما يلزم في الأولى من طول المكث، وكثرة التردد، خصوصا إذا علمنا أن إقامة ابن الصيقل بمراكش طالت، إذ إنه اتصل بأمير المؤمنين أبي يوسف الموحدي سنة (587) وحظي عنده -كما قال عبد الواحد المراكشي-، وامتدت ولايته القضاء أيام السلطان أبي عبد الله محمد من: (601) إلى: (608) -على حسب ما ذكره عبد الواحد المراكشي أيضا-[2].
2) وأما أبو الحسن الشاري: علي بن محمد بن علي الغافقي (649) فقال ابن الزبير أيضا: “روى عنه شيخنا أبو الحسن ووثقه” ثم نقل نصا في بيان حاله ونزاهته في القضاء، ونص أنه نقل ذلك من برنامج الشاري[3].
3) وأما الكلاعي فقال ابن الأبار في ختام ترجمة ابن الصيقل ناصا على مصادره في الترجمة: “عن ابن سالم، وفيه عن غيره“. وابن سالم هو الإمام الحافظ الكلاعي: أبو الربيع سليمان بن موسى بن سالم أي: إن المنقول في الترجمة عنه، ومصدر ذلك هو معجم شيوخه الذي هو من مصادر ابن الأبار، حيث أكثر من النقل عنه، وإن لم ينص عليه هنا[4].
4) أبو عبد الله محمد بن حماد العجلاني الفاسي (609) ذكره ابن عبد الملك[5].
فهؤلاء الأربعة هم وحدهم المذكورون في ترجمة ابن الصيقل من جملة الآخذين عنه، ولم أقف في كتب التراجم على سواهم.
وظائفه
أشهر وظائفه التي تواردت مصادر ترجمته على ذكرها، هي ولايته قضاء الجماعة بمراكش[6]، ونص عبد الواحد المراكشي على استمراره على هذه الولاية نحوا من ثمان سنين، اتصلت إلى سنة وفاته، حيث قال: “لم يزل أبو عبد الله هذا قاضيا إلى أن مات بالأندلس في شهور سنة (608)، وكانت ولايته شهور سنة (601)“[7].
وهذه الولاية التي استمرت هذه المدة ذُكر فيها بالعدالة التامة، والنزاهة الكاملة. قال ابن عبد الملك: “ولاه الناصر من بني عبد المؤمن قضاء الجماعة بعد وفاة أبي عبد الله محمد بن مروان ، فكان محمود السيرة، مشكور الأحوال، صادعا بالحق، جزلا مهيبا، مشهور العدل إلى أن توفي”[8].
وقال ابن أبي زرع: “ولي قضاء الجماعة للمنصور، وكان عادلا فاضلا ورعا لم يُعرف له في أحكامه ميل، ولا يقبل هدية من أحد من حين ولي القضاء إلى أن مات“[9].
وسأعيد ذكر هذا عند الكلام ما حلاه به العلماء في المقال المقبل إن شاء الله تعالى.
يتبع إن شاء الله..
————————————————————————
أرسل تعليق