ابن القطان – المشيخة (63)
هذا هو الجزء الثالث والستون من هذه المقالات عن ابن القطان، وهو تتميم لما سبق من الكلام عن مشيخته. وتلك سلسلة أعرض فيها من وقفت له منهم على رواية جملة من دواوين العلم، أو ذُكر له شيء من التآليف فيه، ومن جملة أغراضي من ذلك: استعمالُه بعد الفراغ من جمعه في مناقشة كلام قيل عن ابن القطان، من كونه أخذ الحديث مطالعة. ولست ألتزم هنا بنسق معين في عرض هذه المشيخة، وإنما أجلب منهم من آنَسُ من نفسي أني استفرغت وسعا في جمع مادة ترجمته.
الشريف ابن الصيقل[1] محمد بن عبد الله بن طاهر الحسيني (تــ 609هـ)
[القسم الأول]
هذا الإمام أحد شيوخ ابن القطان الفاسيين، ولي قضاء مراكش، وبها لازمه ابن القطان، وحظي عند السلطان حظوة كبيرة، وَصَفُه مترجموه بالمشاركة في علوم كثيرة، والنزاهة في الأحكام.
جَعَلْت تَرجمة الشريف ابن الصيقل ثلاثة أقسام:
قسما أولا: خصصته للكلام على مصادر هذه الترجمة؛
وقسما ثانيا: أذكر فيه اسمه ونسبه ولقبه، ومشيخته، والآخذين عنه، ووظائفه؛
وقسما ثالثا: أجلب فيه ما قاله العلماء في تحليته، وما وقفت عليه من مؤلفاته، ومروياته، وأختمه بذكر وفاته..
مصادر ترجمة الشريف ابن الصيقل
تنقسم هذه المصادر إلى قسمين:
قسم لا أعلم له وجودا. ومن هذا القسم: معجمُ شيوخ ابن القطان، ومعجمُ شيوخ أبي الحسن الشاري، ومعجم شيوخ أبي الربيع الكلاعي. وقد نقل من المعجمين الأولين: ابن الزبير[2]، وابن عبد الملك[3]، ونقل من معجم الكلاعي: ابن الأبار[4].
والمادة المنقولة من المعاجم الثلاثة متكاملةٌ، إلا ما كان من الخلاف في تعيين تاريخ ومكان وفاة ابن الصيقل، حيث وقع في معجم الشاري أنه توفي بفاس سنة (609)، ووقع في معجم الكلاعي أنه توفي بإشبيلية سنة (608).
وقسم وصلنا وهو مطبوع. وهو يتنوع إلى نوعين: أصولٍ، وناقلةٍ عن هذه الأصول.
فالأصول، كتبٌ أربعة، وهي: المعجب في تلخيص أخبار المغرب للمراكشي[5]، والتكملة لكتاب الصلة لابن الأبار[6]، وصلة الصلة لابن الزبير[7]، والذيل والتكملة لابن عبد الملك[8].
والناقلة عنها، هي: الذخيرة السنية في تاريخ الدولة المرينية لابن أبي زرع[9]، تاريخ الإسلام[10] للذهبي، والمستملح[11] له وهو -تلخيص التكملة لابن الأبار-، والإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام للعباس بن إبراهيم[12].
وفي بعض هذه الكتب زيادات لا ترفعها في نظري حتى تَصِير من أصول هذه الترجمة، وسأعرض لتلك الزيادات في مواضعها اللائقة بها من هذه الترجمة.
فأما المعجب في تلخيص أخبار المغرب للمراكشي: فالمترجَم مذكور فيه ضمن قضاة السلطان أبي عبد الله محمد بن أبي يوسف الموحدي، وفي ترجمته مادة ينفرد بها، وهو ممن لقي المترجَم، ونَصَّ على أنه دخل داره.
وأما التكملة لكتاب الصلة لابن الأبار: فمادة الترجمة وإن كانت فيه مختصرة جدا إلا أنها بالأهمية بمكان، لكونها منقولة من كتاب لا يعلم له وجود، وهو معجم شيوخ الكلاعي أحدِ الأئمةِ المبرزين الآخذين عن ابن الصيقل.
وأما صلة الصلة لابن الزبير: فإنه اعتمد في هذه الترجمة على معجم شيوخ ابن القطان، ومعجم شيوخ الشاري، وهما من أَجَلِّ الآخذين عن ابن الصيقل. والمادة المذكورة في هذا المصدر ذات قيمة كبرى أيضا لكونها مستمدة من مصدرين يُرَجَّحُ أنهما فُقِدا، وُمَصنِّفُ كُلٍّ منهما ممن لقي المترجَم، وأَخَذَ عنه، وَعَرفه عن خُبْرٍ لا عن خَبَرٍ.
وأما كتاب الذيل والتكملة لابن عبد الملك: فقد وقع فيه في ترجمة ابن الصيقل اضطرابٌ، إذ كَرَرَّه مرتين في موضعين متباعدين[13]، ففي مادة هذه الترجمة الواقعة في الموضع الأول فوائد جديدة لم أرها في مصدر سواه، وأما مادة الترجمة التي في الموضع الثاني فمنقولة بالحرف من كتاب صلة الصلة لابن الزبير، ولولا مادة الموضع الأول لهذه الترجمة لكان كتاب ابن عبد الملك من الكتب الناقلة لا المصادر الأصلية.
ويجدر التنبيه إلى أن في موضعي الترجمة من نفس الكتاب خلاف في تحديد سنة الوفاة وموضع ذلك، فذكر في الموضع الأول أنه مات بإشبيلية سنة (608)[14]، وذكر في الموضع الثاني أنه مات بفاس سنة (609)[15].
يتبع في العدد المقبل
————————————————
1. ترجمته في: المعجب في تلخيص أخبار المغرب لعبد الواحد المراكشي، ص: 229-230، التكملة لابن الأبار 2/384، صلة الصلة لابن الزبير 3/25-26، الذيل والتكملة، س8، ق1/308، س8، ق2/505-506، الذخيرة السنية في تاريخ الدولة المرينية لابن أبي زرع ص: 48، تاريخ الإسلام، 13/197، المستملح، ص: 180 للذهبي، الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام للمراكشي، 4/160-165.
2. صلة الصلة، 3/25-26.
3. الذيل والتكملة الموضع الأول، س8، ق1/308، الوضع الثاني، س8، ق2/505-506.
4. التكملة لكتاب الصلة، 2/384.
5. المعجب في تلخيص أخبار المغرب، ص: 229-230.
6. التكملة لكتاب الصلة، 2/384.
7. صلة الصلة، 3/25-26.
8. الذيل والتكملة الموضع الأول، س8، ق1/308، الوضع الثاني، س8، ق2/505-506.
.9 الذخيرة السنية في تاريخ الدولة المرينية لابن أبي زرع، ص: 48.
.10 تاريخ الإسلام، 13/197.
11. المستملح من كتاب التكملة، ص: 180 للذهبي.
12. الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام للمراكشي، 4/160-165.
13. الأول في س8، ق1/308، والثاني في س8، ق2/506.
14. الذيل والتكملة، س8، ق1/308.
15. الذيل والتكملة، س8، ق2/506.
أرسل تعليق