إرساء ثقافة السلم والسلام.. (2)
نحن في سباق مع الزمن والمضي قدما للاستفادة من الدور الفاعل على الساحة العالمية، وخاصة إذا أخذنا في الاعتبار الدور العالمي المتنامي في ظل عصر ما بعد العولمة والتكتلات باعتبارها مفتاح بوابة المستقبل وإن أغلى وأثمن ما نملك هو الإنسان في حاضره ومستقبله، للوصول بأهدافنا إلى مبتغاها بقدرات إبداعية متكاملة ومترابطة، لا يمكن عزلها أو تجزيئها لتكون رافدا ناجحا لخدمة البشرية بما يتخطى الحدود، وملامسة الوجدان الإنساني، بطرح واقعي جاد، وعمل موضوعي صادق، وبصورة أجمل وأحلى، إيمانا جازما في تعميق التواصل بين الشعوب ببراعة واقتدار، وبما يعكس الخطوات الصائبة الحكيمة، وما يتعطش إليه الناس في كل مكان، وتلبية متطلبات كل مرحلة بما هو أدق وأهم، ومعايشة مباشرة مع الناس لتنمية الوعي بالانتماء للمنظومة البشرية في أعالي الجبال ومجاهل الصحراء، وبسعي جاد وهادف إلى تقريب وفهم روافد المعرفة والثقافات الإنسانية.
وفي جعبة شبابنا ما هو أبعد من الأفق، لمزج حنين الذكريات التي تعد من علامات الحياة بآمال التطلع إلى ما هو أسمى وأغلى، وأحكم وأمتن لرافعة النهوض، وبث الحياة بصفاء النوايا الجامع بين الوعي العميق بالماضي التليد، والانتباه الجميل للحداثة والمعاصرة، والشباب باقة ثقافة ومعارف نادرة التكامل والرقي، ومدد جديد من الأجيال تتسق مع روح العصر، ومن علامات الحيوية والحياة بما يغرينا أن نحلم بغد واعد بآفاق مستقبلية لها في الحاضر جذور وأسس، وبما هو أفضل تحت شمس الحاضر والغد.
ونحن لا يهمنا البحث عن الأحداث بقدر ما نسعى لفهم المسارات، فعالمنا اليوم تحول إلى ثور جامح يسئ التقدير، بدأ يشيخ قبل عمره وقبل أن تظهر على محياه بثور منفرة، وقد وصلت غطرسته إلى الطريق المسدود، وخوض معركة التحضر اكتساب في حد ذاته، ومن يتخلف في معركة التحضر يصبح عبئا وعائقا لمسارات الحياة الإنسانية، وقد نحتاج إلى وقت حتى نستوعب ما يدور حولنا، وليكون لنا موقعنا في هذه الأرض، لنفهم سر اليأس الذي بحت له اصواتنا، وسر العقم الذي دها هذه الأمة، وأدى بنا إلى الانجرار إلى أسباب الفرقة والفتنة والانقسام، ومع ذلك فالملجأ والمنقذ والقادر على التجدد الدائم، ونقل ما يواكب العصر وطرح قضايا النهوض بالمجتمع شباب يحمل حياته على كف وحيويته في كف أخرى.
والإنسانية اليوم أحوج إلى من يعيد بناء حياتها من جديد، وذلك من أجل إعادة صياغة الإنسان الكامل من جديد بعد أن هانت عليه إنسانيته، وإعادة ما ضاع من عافيته؛ إنه الشباب أيقونة الإنسانية الذي يؤرخ لعالم جديد بل إنه يحمل أكثر من رسالة، ويتخطى الخوف والترقب والخروج إلى الدنيا أكثر انفتاحا من منطلق يقينه المتطلع إلى غذ أفضل لكل البشرية، واكتشاف عالم أفضل لصنع نوع من الفرح الدائم.
كما أن الإنسانية في الحاضر تحتاج إلى أن تبتسم مستعملة العقل، والحكمة، والكفاءة، والخبرة وفرض الذات أينما يكون الموقع، وخلق فضاء ثقافي يتبنى النمط الحضاري، قوامه العلم لا الجهل، ومكافئة المجد والمخلص، وإنصاف المظلوم وبما يحفظ لكل الناس حقوقهم، ويفرض احترامه على كل الأجيال، ليعرف كل مجتمع سلبياته حتى يتفاداها، وهذه مهمة الشباب المثقف المرتجى، حتى تتغلب الحكمة على التهور والجهل، من أولئك الذين يدعون أنهم يملكون الحقيقة، وبما يؤهل الأجيال القادمة لتتحمل لاحقا الأعباء التي ستلقى على عاتقها، وتأدية ألأدوار التي تتوقعها البشرية منها، معززا بهالة ضوئية فوق هاماته، وإخراج القابعين في ظلام الأقفاص العقلية الصدئة، وفهم رمزية ودلالات الحياة المفتوحة، ومواكبة المد البشري الهادر، وتأسيس الوعي النهضوي بإيقاع متسارع، والرمي بعباءة الترهل والخمول، وتوديع همجية العودة إلى البداوة والنكوص، والعبور بالإنسان فوق جسر مفصلي إلى ما بعد الحداثة لمقومات العمل الإنساني المشترك ورفض العبثيات.
وعصر كعصرنا هذا فلا يسمح لأحد ولا مبرر له أن يفقد البوصلة في مسار السبيل الجميل المضيء المتجدد لاكتشاف كنوز، وإطلالة على مساحات الابتكار والألفة والتسامح، والنهوض بشموخ بعمل متواصل، وإيجاد حلقات وصل يمشي على نهجها الأحفاد والأعقاب، من دون دهشة ولا استغراب، بما يعكس النزوع المتجدد لإعمار الدنيا، وتثبيت أوتاد الاستقرار البشري، في ظل عالم تنبض معالمه بالحياة قادر على التجدد الدائم، ونقل ما هو جميل وجديد بكثير من الجدية، وكثير من الحذر والحيطة والانتباه.
والله الموفق.
أرسل تعليق