أبو سالم العياشي
شخصية هذه الحلقة عالم رحالة ومربي من الأطلس الكبير الشرقي، سميُّه الجبل المجاور لبلدته: جبل العياشي قرب ميدلت، في الطريق إلى سجلماسة، وهو تلميذ العلامة عبد القادر الفاسي والفقيه أبو بكر السكتاني، وهو صاحب الرحلة الشهيرة “ماء الموائد”؛ يتعلق الأمر بأبي سالم العياشي..
هو أبو سالم عبد الله بن محمد بن أبي بكر العياشي، والعياشي نسبة لآل عياش، قبيلة أمازيغية تتاخم أحواز سجلماسة، ولد سنة 1037هـ، وقرأ القرآن في البداية على والده، ثم أقبل على شيوخ عصره بشغف كبير يأخذ عنهم مختلف العلوم بفاس ودرعة…
وتعني سنة 1037ه/1627م، معاصرة أحداث سياسية عصيبة في تاريخ المغرب: انهيار الدولة السعدية بعد وفاة أحمد المنصور الذهبي عام 1603م وصراعات أبنائه من بعده، وظهور كيانات سياسية مستقلة عن السلطة المركزية، مثل السملاليين بقيادة أبي حسون السملالي بودميعة، والشبانات في مراكش، والدلائيين في الأطلس المتوسط بزعامة محمد الحاج الدلائي، وبني راشد في شفشاون، وآل المنظري في تطوان، والحركة العياشية في أزمور وسلا، والأخضر غيلان ببلاد الهبط بشمال المغرب… وكان تأسيس زوايا العلم والإيواء والإطعام في هذه الفترات الحرجة يعتبر عملا دينيا وعمرانيا حاسما، لا شك أنه ساهم في حفظ كثير من مقومات الشخصية المغربية؛ والزاوية العياشية بالأطلس الكبير الشرقي هي واحدة من هذه الزوايا المباركة..
ويعتبر والد أبي سالم العياشي من العلماء المصلحين، وهو المؤسس الفعلي للزاوية العياشية قبل أن تشتهر في عهد ولده أبي سالم، ومن المفيد أن نقرب القارئ من هذا الرجل الفاضل الذي هيأ الظروف المواتية لأبي سالم لكي يلتحق “بنادي المتفوقين” من ذوي الهمم العالية؛ فقد ولد محمد بن أبي بكر بن يوسف بن موسى بن محمد بن يوسف بن عبد الله بن عبد الرحمن سنة 981هـ، ونشأ في أسرة لها اهتمامات علمية واضحة رغم مواردها المتواضعة. فالأطفال يبدءون بحفظ القرآن والمبادئ اللغوية، ثم يرحلون إلى الصحراء-بطريقة التناوب-للأخذ عن شيوخه في مرحلة ثانية، وفي درعة سمع الشيخ محمد بن أبي بكر على شيخه أحمد أذفال السوساني الدرعي (تـ 1023هـ/ 1614م) وهو لقاء أثر في تكوينه وتوجيهه لما عرف به الشيخ أذفال من حرص على إفادة طلبته ومريديه ومن شغف بالرحلة وجمع الكتب كما يظهر في سياق الروايات أنه لاحظ نزوع الشيخ محمد بن أبي بكر الصوفي منذ وقت مبكر، ونقف أيضا لملازمته لشيوخ الزاوية الدلائية وتتلمذه بالخصوص للشيخ محمد بن أبي بكر الدلائي وهو الذي أشار عليه بتأسيس زاوية يطعم فيها الطعام وتتلى فيها آيات الله، وتقوم بنشر العلم والإرشاد في المنطقة”، توفي محمد بن أبي بكر سنة 1067هـ (نفيسة الذهبي: المرابطة والصلاح في الأطلس الكبير الشرقي-الزاوية العياشية، ضمن الجبل في تاريخ المغرب، كلية الآداب والعلوم الإنسانية فاس سايس)، وانظر (صفوة من انتشر للإفراني: الترجمة: 174، ص: 242).
تربى أبو سالم العياشي في زاوية والده، وتلقى بها تعليمه الأول قبل أن يرحل إلى درعة للأخذ على شيخها محمد ابن ناصر الدرعي، ثم ما لبث أن انتقل إلى فاس للأخذ عن علماء القرويين، ولم يزر مراكش ولا الزاوية الدلائية طلبا للعلم بفعل الظرفية السياسية الخطيرة التي سادت المغرب في النصف الأول من القرن 17م، لكنه عوض عن ذلك بجملة من الرسائل التي كان يرسلها إلى علماء الزاوية الدلائية، مثل محمد المرابط الدلائي والحسن اليوسي، والطيب بن محمد المسناوي، ومحمد بن محمد بن أبي بكر الصغير الدلائي، بالإضافة إلى المراسلات التي كانت له مع فقهاء مراكش، أشهرهم أبو بكر بن يوسف السكتاني.
قرأ أبو سالم العياشي على أبي بكر السكتاني، وأبي العباس الأبار، ومحمد ميارة شارح التحفة، ويقول الإفراني في (الصفوة: ص: 251): “ويقال أن خطبة هذا الشرح من إنشاء تلميذه أبي سالم العياشي”، وانتفع أبو سالم العياشي بالطريق بالشيخ محمد بن ناصر الدرعي؛ وقد ذكر أبو سالم العياشي في فهرسته بشأن أستاذه السكتاني أنه لقيه بظاهر بسكرة (الجزائر) فتلقن منه وأجازه التلقين والمصافحة ولبس الخرقة والجلوس على السجادة لتربية المريدين، ورفع الراية لزيارة الإخوان.. وجلس بفاس إلى العلامة عبد القادر الفاسي، وسمع عليه تآليف كثيرة في سائر الفنون كالحديث والفقه والتفسير والنحو والبيان، والأصلين والتصوف، وهو عمدته و قد أجازه إجازة عامة…
وقد جاء في نص الاستدعاء الذي كتبه أبو سالم العياشي لشيخه عبد القادر الفاسي مستجيزا قوله: (ضمن فهرست عبد القادر الفاسي، تحقيق محمد بن عزوز، مركز التراث الثقافي المغربي ودار ابن حزم، 2003، ص: 128): “فقد طال ما ترامت بي الأعصار، وتداولتني قسي الأسفار بأوتار الاصفرار والإسفار، أجول في كل تنوفة، وأقطع المحال المخوفة، وأتوسم بفراستي المشايخ شرقا وغربا، عجما وعربا، أطلب طبيبا من أدواء الجهل شافيا، وماهرا لخرق الغباوة رافيا، فلم أر إلا من شكى كشكواي، ومن ابتلي بمثل بلواي، ومن له تفطن لبعض الأمر، لا يبرد عن الأحشاء لهيب الجمر، يثير الداء ولا يحسمه أو يهينه، بلفظ تلقاه من غيره ولا يفهمه، إلى أن أقبل السعد منشورة أعلامه، وزمان الإقبال مشرقة لياليه وأيامه، فألقتني الرحلة، وأدتني النقلة، إلى كعبة الآمال ومحط صالح الأعمال، بقية صالح السلف، ودرة عقد الخلق، طبيب يدير كيف شاء الكلام، ومن هو قاطع لإبراء الكلام، تحسم يده أصل الإلام، شيخ الإسلام، خاتمة المحققين (…) ألم يعلموا بأنه الفتى الوارد الصادر، أبو محمد عبد القادر”…
رحل العياشي غير مرة إلى الحج كانت الأولى سنة 1059هـ، فلقي المشايخ واستجازهم، ثم رحل مرة ثانية سنة 1059هـ، وجاور بالمدينة المنورة والحرم الشريف، فأقرأ كثيرا من العلم، وسجل نشاطه في رحلته، وذكر من لقيهم من الشيوخ الأفاضل وما أخذه عنهم في رحلته الكبرى، وزار القدس والخليل،
وأخذ العياشي عن علماء الأزهر وعلماء القدس، وعلماء مكة والمدينة المنورة، واتصل بعلماء طرابلس والقيروان ووهران وتلمسان، فأجازهم وأجازوه. وممن أخذ عنهم أبو سالم العياشي: الشيخ على الأجهوري والإمام ابن مهل عيسى بن محمد الثعالبي وأبي إسحاق الهرزوي، وإبراهيم الكردي، والتقى بالشيخ محمد الفِزاري، ومن شيوخه العلامة إبراهيم الميموني صاحب الإمام أبي سالم اللقاني (صفوة من انتشر، ص: 125)..
وقال عنه: عبد الله بن محمد بن أبي بكر العياشي، أبو سالم: فاضل، من أهل فاس (…) قام برحلة دونها في كتابه “الرحلة العياشية” -طبع في مجلدين، سماها “ماء الموائد”، وله “إظهار المنة على المبشرين بالجنة”-مخطوط و “مسالك الهداية” – مخطوط بأسانيد شيوخه، و “تحفة الأخلاء بأسانيد الأجلاء”-مخطوط، وللعياشي منظومة في “البيوع” وشرحها، و “تنبيه ذوي الهمم العالية على الزهد في الدنيا الفانية” و “اقتفاء الأثر بعد ذهاب أهل الأثر، ولحفيده محمد بن حمزة بن أبي سالم كتاب حول جده العياشي، سماه “الزهر الباسم في جملة من كلام أبي سالم” مخطوط.. ويفيدنا الزركلي أن ليس لأبي سالم العياشي ذكر في “خلاصة الأثر”، وهو أوسع المصادر في تراجم رجال هذا القرن…
وتعتبر الرحلة العياشية “ماء الموائد” من أشهر وأفيد الرحلات المغربية على مر التاريخ، فهي بالإضافة إلى فوائدها التاريخية والأدبية والجغرافية، قد جاءت حافلة بمعطيات اجتماعية وإنسانية ذات فائدة كبيرة، من ذلك مثلا قول أبي سالم العياشي في رحلته “ماء الموائد” عند ذكره عوائد أهل المدينة المنورة: “ومن عاداتهم في الصلاة على الجنائز إدخال الجنازة إلى الحرم الشريف فيصلّى عليها بالمسجد، ثم يُمرّ بها أمام الوجه الشريف ويوقف بها وقيفةً؛ ثم يذهبون بها إلى محلها من البقيع أو غيره “… وقد اعتمد محمد الصغير الإفراني في كتابه “الصفوة” كثيرا على الرحلة العياشية المسماة “ماء الموائد” خصوصا فيما يتعلق بتراجم العلماء والصلحاء، ونقل أيضا عن كتابه “اقتفاء الأثر” وهذا دليل –ضمن أدلة أخرى- على أهمية مؤلفات أبي سالم في التأريخ للحركة العلمية بالمغرب والمشرق.. ويورد الإفراني في (الصفوة، ص: 146) لطيفة بشأن الإمام أحمد المقري نقلها عن “الرحلة العياشية” يقول فيها أبو سالم: أن المقري كان إذا أفتى في نازلة فسئل عنها مرة أخرى يمتنع من الجواب ثانيا، مخافة أن يكون في الثانية ما يقتضي الفتوى بما يخالف الأولى فينسبه الكاشحون لما لا يليق”. يقول إبراهيم القادري بوتشيش في مقاله “العادات والتقاليد في المدينة المنورة من خلال الرحلة العياشية (القرن 11 ﻫ/ 17 م) (مجلة التاريخ العربي، عدد: 52): إن الشك لا يخامرنا في كون الرحالة العياشي يعد -بكل المقاييس- عالماً من الطراز الرفيع، يشهد على ذلك كثرة مؤلفاته التي تعكس علو كعبه، وموسوعية فكره وتبحر معارفه. أما موضوعيته فتستمد روحها من شخصيته العلمية الحازمة؛ ولا غرو فإننا نلمس فيه طيلة نصوص الرحلة ملامح العالم المحقق لبعض القضايا الدينية الدقيقة من قبيل إسدال اليدين أثناء الصلاة، وتثنية السلام للخروج منها، وغير ذلك من المسائل الدينية التي تستلزم الفحص الصارم. كما نلمس موضوعيته في عدة مواضع من “رحلته“، ففي حديثه عن سيل وادي قناة، وصف عظمة هذا السيل، إلا أنه اعترف بأنه لم يره لبعده ولعائق المرض الذي حال دون مشاهدته، ونسجل سعيه -كل ما وجد إلى ذلك سبيلاً- إلى الاستشهادات والقرائن الدامغة لإثبات صحة أوصافه، فلتأكيد أن قبر عثمان بن مظعون وإبراهيم بن النبي عليه السلام يوجدان في مشهد واحد بالمدينة، يستشهد بحديث نبوي. كما يستعمل عبارات تدل على تبنيه المنهج العلمي من أجل الدقة كقوله “والثابت الصحيح”، و”المستفيض مما تقدم”، و”لم أقف على أصل”، و”الله أعلم”، إلى غير ذلك من العبارات التي تتم عن توخي الموضوعية والتريث قبل إصدار الأحكام النهائية”..
وفي مقالته الرائعة يستقي الدكتور القادري بوتشيش من “ماء الموائد” إفادات أصيلة حول الحياة الاجتماعية بالحجاز، من ذلك قوله: “ومن المنتزهات المشهورة بالمدينة أيضاً حديقة تقع غربي مسجد قباء، وجد بها بئر معروف بغزارة مائه الذي يصل جزء منه إلى بركة جميلة. وكانت هذه الحديقة تشتمل على أشكال مختلفة من الفواكه والأشجار، خاصة العنب، لذلك كان أهل المدينة “يقصدون هذه الحديقة للقائلة والتفرج”، والقائلة في عرف مجتمع المدينة معناه الخروج للتنزه والتفرج على البساتين والأمكنة الطبيعية الفسيحة في الضواحي. وكانت نسوة المدينة المنورة يرغبن كثيراً في هذه القائلة، ويكلفن في أزواجهن من النفقة ما ليس في طاقتهم، حتى أن الرحالة العياشي اعتبر ذلك من عوائد النساء المذمومة”..
وفيما يتعلق بازدهار الزاوية العياشية وتأثيرها الكبير في جبال الأطلس الكبير الشرقي، لا بد من التأكيد على أنها زاوية فرع، بحيث ارتبطت بالزاوية الدلائية عند تأسيسها على يد محمد بن أبي بكر العياشي، دون أن ننسى الرافد الناصري الذي سيضاف لرصيد الزاوية الروحي مع أبي سالم الذي أخذ عن سيدي أحمد بن ناصر الدرعي، ولقد سبب التقارب العياشي الدلائي متاعب للأسرة العياشية التي ستنفى إلى فاس إبان حكم المولى الرشيد العلوي الذي هدم الزاوية الدلائية كما هو معروف، لكن الزاوية العياشية نجت من هذا المصير، مما ساهم في حفظ خزانة الكتب التي اعتبرت وقتئذ من أعظم خزائن المغرب.
بعد هذه المحنة السياسية وعودة الأسرة من فاس إلى الجبل بأمر من المولى إسماعيل، سيتضح المسار الفكري للزاوية التي بدا أنها انصرفت إلى الدور الديني والعلمي الخالص “خاصة مع الشيخ عبد الجبار بن أبي بكر العياشي الذي خلف أخاه محمد على رياسة الزاوية ثم أبي سالم عبد الله بن محمد بن أبي بكر الذي عمل على تطوير الزاوية وأعطاها نفسا جديدا جعل المنطقة-رغم عزلتها الجغرافية-منفتحة على عالم واسع مرتبطة بعلاقات متنوعة وعلى طول مرحلة مشيخته ومشيخة ابنه سيدي حمزة غذت الزاوية قبلة ومقصدا للزوار والطلبة وأيضا العلماء الذين جاءوا من درعة وسوس وفاس للأخذ والانتساخ والاستفادة من مدخرات الخزانة” (نفيسة الذهبي، مرجع سابق)..
ترك أبو سالم العياشي إرثا علميا ثمينا لازالت الزاوية العياشية تحتفظ بجزء منه فمن مؤلفاته نذكر فهرسته الكبرى: “اقتفاء الأثر بعد ذهاب أهل الأثر” بسط فيها لائحة بأسماء شيوخه وأسانيدهم في مختلف العلوم، وكراسته الصغرى: “إتحاف الأخلاء بإجازات المشايخ الأجلاء”، سجل فيها متون الإجازات التي حصل عليها من شيوخه، ورحلته التي تعرف بالرحلة العياشية والتي سماها: “ماء الموائد”، وتعتبر من أهم سجلاته العلمية؛ لأنه ضمنها حياته الفكرية والعلمية وتجربته الشخصية كعالم رحالة، والرسائل العياشية: وهي مراسلات جرت بينه وبين أشياخه وأصحابه وتلامذته في المغرب والمشرق، وقد جمع فيها ما بين قضايا الإفتاء والنوازل ومدارسة بعض القضايا العلمية والأدبية، وفي خزانة الزاوية العياشية أيضا بعض ما ألفه أبناؤه وحفدته، مثل محمد بن حمزة بن أبي سالم العياشي توفي بعد1140هـ/1727م، وهو مؤلف “الثغر الباسم في جملة من كلام أبي سالم”، والذي يعتبر من أهم التراجم التي تناولت حياة أبي سالم بكثير من التفصيل، وعبد الله بن عمر العياشي تـ 1169ه/1755م، وهو صاحب كتاب “الإحياء والانتعاش في تراجم سادات زاوية آيت عياش”، وهو مؤلف نفيس يتناول بشكل واسع حياة أبي سالم العياشي، ويورد تفاصيل مفيدة عن مراسلاته وعلاقاته في المغرب والمشرق، وتحتفظ مكتبة الزاوية العياشية أيضا بعدد هائل من المؤلفات التي أتى بها أصحاب الزاوية من المشرق والمغرب، وتضم المكتبة كتب الفقه والتفسير والتصوف والفلسفة والتاريخ واللغة والعلوم التطبيقية، وقد نشرت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فهرسا لكتب الزاوية في أربعة أجزاء، وتحتوي الزاوية أيضا على ممتلكات ذات قيمة تاريخية ورمزية تعود إلى زمن صاحبنا أبي سالم العياشي، و”خاصة ما يتعلق بمستلزمات التأليف والتصنيف وبعض ملابسه الشخصية كالأحذية والشكارة والطربوش“، وبعض حاجياته التي كان يستعين بها في السفر مثل القلة الجلدية..
وتبقى الرحلة العياشية “ماء الموائد” أروع أثر خلفه هذا الرجل الفاضل المحب للعلم والوطن؛ يقول إبراهيم بوتشيش في مقاله المذكور مبينا القيمة الإثنولوجية للرحلة: جماع القول أن “رحلة” العياشي تعد دون منازع مصدراً تاريخياً ثرياً. فقد أمدنا بنصوص في غاية الأهمية حول عادات وتقاليد أهل المدينة المنورة في القرن 11 ﻫ/ 17 م، معظمها يتسم بالأصالة والجدة وإن كان البعض الآخر -وهو قليل لحسن الحظ- قد اخترقته توجهات وقناعات مذهبية وفكرية. إلا أن صاحب الرحلة نجح في التقاط صور حية عن مجتمع المدينة بكل فئاته وشرائحه وأطيافه، فأعطانا مشهداً شمولياً حول عقليات السكان وأزيائهم، وأطعمتهم واحتفالاتهم، ومعاملاتهم وطرق استشفائهم، وهي لوحات كان بالإمكان أن يطويها الزمن، وتحشر في غياهب النسيان، لولا أنه اختزنها في ذاكرته، ثم دوّنها لتصبح اليوم نصاً اجتماعياً بالغ الأهمية ومفيداً للمؤرخين والأنثروبولوجيين على السواء”…
لاشك أن أبا سالم العياشي يعتبر من أبرز أعلام المغرب والمشرق خلال القرن 11 الهجري، وليس غريبا أن يسند إليه كرسي التدريس بالمدينة المنورة، كما أسند له كرسي التدريس والإفتاء بفاس، قبل أن يستقر نهائيا في الزاوية العياشية، ولقد قام رحمه الله ببعث الزاوية من جديد بناء وتجديدا، فأصبحت قبلة لطلاب العلم، ومقصدا لأهل الحوائج، ومحجا للفقراء والمريدين الذين يأتون إليها من كل بقاع المغرب، مما جعل الزاوية تحمل اسمه وتنسب إليه… توفي أبو سالم العياشي سنة 1090هـ، رحمه الله وجازاه عن الإنسانية خيرا، والله الموفق للخير والمعين عليه.
-
السلام عيكم اطلب من سيادتكم اذا توفر لديكم البحث في الوثائق الرسمية والتارخية في الرحلة العياشية لما ان مروره على منطقة الساورة بلجائر اتجاه بيت الله الحرا م لقد حط رحاله في بني عباس وكرزاز في زن الشيخين للزاوية الكرزازية فضيلة الشيخ سيدي احمد بن موسى خليفته سيدي محمد بن جراد لقد نزل عليه ضيفا وقام عدة ايام ثم ارتحل الى الحجاز لدا اطلب من سيادتكم البحث عن معلومات عن هدين الرجلين المذكورين
-
بارك الله فيك أخي يونس على تنبيهك على الخطأ الذي ورد في مقالي، وما قلتَه صحيح، وهو سهو مني، والله يلهمنا للصواب
كثر الله من أمثالك
-
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
بارك الله فيكم أستاذي الكريم وجزاكم الله خيرا على هذه الحلقات النافعة،
لفتت نظري في مقالكم العبارة الآتية: (ترجم لأبي سالم العياشي من المشارقة ابن الجزري في "غاية النهاية"، 1/591، وابن حجر في "تقريب التهذيب") وهذا محال فابن الجزري وابن حجر من أهل القرن التاسع
ولعله سبق قلم.
التعليقات